تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الربيعة: أذكر مثالاً على هذا في أخلاق الكافرين فيما بينهم مما يدل على جفاف نبع الخير في نفوسهم والعطاء والنفع والسبب في ذلك هو عدم الإيمان باليوم الآخر. أرأيتهم كيف تعاملهم فيما بينهم إذا ذهب بعضهم مع بعض للمطاعم تجد كل واحد يشتري لنفسه كما يقال للأسف الشديد من بعض الشباب الذي يريد أن يقلدهم "على الطريقة الأميركية". أذكر مرة من المرات كنت مع أحد الشباب ذاهب من القضيم إلى الرياض وفي الرياض وقفنا عند مطعم وقال نحن على الطريقة الأميركية فقلته له ما هي الطريقة الأميركية؟ قال تشتري لتفسك واشتري لنفسي، قلت أنا أعتذر عن هذا فأعطيت صاحب المطعم النقود فجاء ليحاسب فعاتبني فقلت هذا ليس على منهجنا وعادتنا للأسف الشديد شبابنا يظنون أن هذه الطريقة طريقة حضارية وهي الحقيقة دليل على عدم الرحمة فيما بينهم والتعاون فيما بينهم وبذا العطاء والنفع فيما بينهم.

د. الخضيري: وعدم رجاء الآخرة. النبي صلى الله عليه وسلم أول ما دخل المدينة ما هي الكلمات التي أعلنها كدستور وميثاق للمسلمين وهو راكب على ناقته القصواء؟ لم يحط رحاله في مدينته، كان يقول أربع كلمات، كان يقول: "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصِلوا الأرحام وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام" أربعة أشياء ثلاثة منها في نفع الناس هذا موعود عليه وعد أن تدخلوا الجنة بسلام فإذا أردت أن تدخل الجنة بسلام أفشي السلام وأطعم الطعام وصِل الأرحام وصلي بالليل والناس نيام، أسأل الله أن يجعلني وإياكم كذلك.

د. الربيعة: لو أخذنا صفات الكافرين من خلال السورة يقول الله عز وجل (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) لاحظ هذا الاستفهام، اشاهدت هذا المكذب كيف أخلاقه؟ لتعلم أن تكذيبه بالدين يدل على أنه إنسان غير سوي بأخلاقه وتعامله إذن نستطيع أن نحكم على الإنسان في خلقه وتعامله مع الناس في مدى صدقه وفي مدى حسن تعامله ووفائه، في مدى بذله وعطائه وهذا يجعلنا نقول أننا نحن المسلمون ينبغي أن يكون بيننا من التعاون والتراحم والتعاطف والعطاء والبذل مما يظهر في صفاتنا مقارنة بغيرنا

د. الخضيري: ولذلك أقول عوداً على بدء متى تأخر الإيمان بالدين عنا أو غاب عن قلوبنا وعن حياتنا فإن ذلك سوف يظهر في أخلاقنا وأفعالنا وتصرفاتنا. تلاحظ الآن في حياة المسلمين ما الذي يجعلهم يكذبون ويغشون ويفعلون أفعالاً نكراء لا يبالون بحقوق الناس، يظلمون الخلق، يعتدون على أموالهم ويعتدون على أعراضهم، ما هو السبب في ذلك؟ السبب ليس أنهم لا يؤمنون بالدين ولكنهم لأن الإيمان بالدين قد غاب عن أذهانهم، لا يشاهد الجنة ولا يشاهد النار كأنه يراها رأي العين، فهو يعيش في دنياه ولذلك عنده استعداد أن يظلم ويسرق ويأكل مال الناس ويرتشي، يفعل المنكرات والمحرمات مع أنه مقتنع بأنها محرمات ومع أنه مقتنع بأنه سوف يجازى ويحاسب عليها يوم القيامة ولكن هناك غيبة وهناك غفلة وهناك تغطية على القلب حول هذه الأشياء التي تسير الإنسان وتغير مسارات

د. الربيعة: إذن نستطيع أن نقول أن من علامات صدق الإيمان نفع الناس وخاصة الضعفاء كما قال الله عز وجل في سورة البلد (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ?11? وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ?12? فَكُّ رَقَبَةٍ ?13? أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ?14? يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ?15? أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ?16?) العطاء للمساكين دليل على أنه عندك إيمان لأن هؤلاء ليس بينك وبينهم مصلحة، لا ترجو منهم شيئاً هؤلاء ضعفاء مجردون من كل ما يمكن أن يمنحونك من مصالح فكلما كنت قريباً من المساكين كلما كنت أدل على صدق إيمانك وقوة دينك.

د. الخضيري: ننتقل إلى الموطن الآخر الذي نحاول من خلاله أن نركز انتباه المشاهدين على ما في هذه السورة من نواحي عملية. قال الله عز وجل مبيناً صفات هؤلاء الكافرين (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)) يدع اليتيم يعني يدفعه عن حقه وهو لا يريد أن يعطيه شيئاً لا من حقه ولا من حق الله الذي أوجبه له. الله عز وجل أوجب لليتيم الاحترام والعطف والرحمة واللين والحلم ولذلك قال (فذلك) وأشار إليه إشارة إلى البعيد لأنه قد أبعد عن رحمة الله وأبعد عن معية الله سبحانه وتعالى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير