تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الربيعة: وتأمل كلمة (يدُعّ) كلمة فيها قوة ليست فقط يمنع بل يمنع ويدفع بإهانة وازدراء واحتقار. إن هذا لدليل على جفاف وقسوة القلوب تماماً.

د. الخضيري: ولذلك كان المشركون الذي بُعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم لا يرحمون الميت، أول ما يموت الميت يأتي الكبير من روثته كأخيه مثلاً أو ابنه الأكبر فيستولي على ماله ويبقى هؤلاء الضعفاء من الأيتام لا مال لهم يتكففون الناس وياتي الرجل ايضاً ويستولي على مال أخيه أو ابنه ويدع زوجته وأولاده بلا مال فجاءت آيات القرآن منكرة هذا الوضع البشع، هذا الوضع الشنيع الفظيع الذي لا يليق بالإنسانية ولا يليق بأهل الإيمان (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) يدفعه عن حقه ولا يحترمه ويمنعه عن حقه ثم يقول (وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) يعني أنه أيضاً لا يرحم المساكين، إذا لم يطعمهم لا يحض على إطعامهم.

د. الربيعة: لا يحض على إطعامهم. تصور إنسان يأتيك فلا تطعمه فيذهب لآخر فلا تحضه على ذلك وربما تمنعه، إن هذا لجفاف، إن هذا انعدام الرحمة في القلب.

د. الخضيري: دعنا ننتقل إلى بعض المواطن العملية في السورة التي نريد أن نلفت أنظار المشاهدين إليها وهي قوله تعالى (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5))

د. الربيعة: هذه الآية عندما تقرأها تستوقفك، تأمل كيف افتتحها الله عز وجل بالويل (فَوَيْلٌ) وهو واد في جهنم، توعدٌ بجنهم للمصلين، كيف ذلك؟! فيقف القارئ متدبراً كيف يتوعد الله المصلين؟ ثم تأتي الآية الآخرى مجيبة على هذا التساؤل في ذهن الإنسان المتدبر (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) هم قد يصلون في الظاهر كحال المنافقين بكن بلا إيمان، بلا روح، بلا استحضار لهذه الصلاة، فلا آثر لها في قلوبهم ولا في نفوسهم ولا في أعمالهم، أفعال مجردة ومجرد عادات. (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) تأمل وتدبر قوله تعالى (عن صلاتهم) فهم أولاً عن الصلاة غافلون وفيها أيضاً غافلون أو ساهون. فالصلاة إذا لم يكن فيها روح وإذا لم يكن فيها حضور قلب فلا أثر لها، لن يكون لها اثر. ولهذا نقول إذا أردت أيها الأخ المسلم أن يكون لصلاتك أثر وتجد فيها الطمأنينة والراحة وتكون ظاهرة على مالك فلتكن في خشوع وحضور قلب.

د. الخضيري: أيضاً لعلنا نستكمل المشهد في هذه السورة بذكر خصلتين مهمتين جداً وكل واحد منا لا بد أن يتوقف عندهما ويتأكد من عدم إتصافه بهما. الأولى (الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)) الرياء إحذروا منه وهو أن تتعبد في ظاهر الأمر لله وفي باطن الأمر من أجل أن يقال فلان مصلي، فلان صائم، فلان متصدق، فلان قد أحسن، الرياء هو الشرك الخفي ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف علينا من الرياء ويحذرنا منه ويقول "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر يقوم الرجل فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل" نسأل الله العافية والسلامة. ينبغي إذا قرأنا هذه هذه الآية نحذر من الرياء والأخيرة من الخصال في هذه السورة العظيمة التي اشتملت على خصال كثيرة نحتاج أن نقف مع أنفسنا من خلال السورة منع الماعون والمقصود بمنع الماعون الأشياء التي تملكها وتستطيع أن تمنحها لغيرك من إخوانك الذين يمكن أن ينتفعوا بها ويستفيدوا منها ثم يردوها إليك وهي "العاريّة" عند أهل العلم. فكل ما يُعار، قلم، محبرة، ورقة، كتاب، قدر، كأس إناء، إبريق، أثاث، كرسي، أيّاً كان طلبه أخوك المسلم ولست في حاجته فينبغي لك أن تعطيه إياه ليتم جو راحة وتعاطف وتعاون بين المسلمين وإياك أن تكون فردياً تعيش لنفسك ولا ترى أن لأحد عليك حقاً فإنك إن لم تحتج إلى الناس الآن فستحتاج إليهم فيما بعد فأحسِن حتى يُحسن إليك وأدِّ حقوقهم حتى تؤدى حقوقك.

د. الربيعة: حينما تتأمل هذه السورة تلحظ أنها ركزت على صفة الكافرين وصفة المنافقين فاحذر أيها المسلم أن تتصف بصفات هذين الفريقين الكفار والمنافقون.

د. الخضيري: لعلنا بهذا إن شاء الله نأتي على ختام مشاهد من هذه السورة العملية ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن الذي هم أهل الله وخاصته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[14 Sep 2009, 10:18 ص]ـ

الحلقة 23

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير