تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. هذا المجلس هو المجلس الثاني والعشرون من مجالس هذا البرنامج المبارك "لنحيا بالقرآن". ستلاحظون في هذه الحلقة أننا سنكون مع سورة قصيرة ولكن معانيها وما فيها من الوقفات قوي جداً. وستلاحظون أننا سنحتاج إلى وقت طويل من أجل أن نستوعب ما في هذه السورة من معاني. وهذا يدلنا على أن القرآن فيه من الخير ما يستوعب كل حاجات البشر. اليوم وقفتنا بإذن الله عز وجل مع سورة الكوثر حيث يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)) هذه السورة كما تسمعون وتقرأون مكونة من ثلاث آيات فهي أقصر سورة في القرآن من حيث تعداد الآيات. ولكن انظروا إلى ما فيها الخير الكثير يكفي أن اسمها الكوثر والكوثر يدل على الخير الكثير، يدل على ذلك النهر الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة وهو نهر عظيم نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوردنا إياه. وفي الوقت ذاته يدل كما يقول كثير من المفسرين على الخير الكثير الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم. وقد شرحنا في سورة الضحى بعض الخير الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال الله تعالى له مطمئناً لما أوحِش قلبه أن ربه قد ودّعه وقلاه قال الله (وَالضُّحَى ?1? وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ?2? مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ?3? وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ?4? وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ?5?) هذا بعض الخير الذي أعطاه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم. وهنا يقول له الله جل وعلا (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) هذه السورة نزلت أيضاً تسلية لقلب النبي صلى الله عليه وسلم لما سبّه المشركون وعنفوه وآذوه بألسنتهم وقال له بعضهم كما ورد في بعض أسباب النزول إن محمداً أبتر يعني لا يولد له بنون يكونون من بعد يُبقون ذكره.

د. الربيعة: لما مات ابنه عبد الله

د. الخضيري: فهم أرادوا أن يحطموا رسول الله صلى الله عليه وسلم وينالوا منه فقال الله عز وجل لهم لقدأعطيناك الخير الكثير يا محمد فانشغل بعبادة ربك، صلِّ لله، وانحر لله ولا تلتفت لهؤلاء الشانئين فهؤلاء هم المبتورون ولست أنت المبتور. وبالفعل بقي ذكر رسول الله وبقي اثره وبقي المحبون له وانتشر دينه وذهب أولئك إلى الجحيم، ذهبوا إلى لا شيء فلا يذكرهم أحد ولا يعرفهم أحد ولا يذكرون بخير في الناس

د. الربيعة: إذن هذه السورة سورة امتنان من الله على نبيه صلى الله عليه وسلم. امتنان وتسلية، تسلية حينما شنيء منه المشركون وذلك الشقي الذي شنأ منه حينما مات ابنه عليه الصلاة والسلام وهي امتنان من الله على نبيه بان أعطاه الخير الكثير. وهذا الامتنان الذي أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم هو امتنان من الله تعالى لأمته حينما منح الله تعالى نبيه وخصّه بهذا النهر العظيم وخصّه بهذا الخير الكثير الذي منحه إياه ومنحه أمته فما أحرانا أن نرتبط بهذه السورة حقاً إنها موضع إرتباط لهذه الأمة.

د. الخضيري: موضع ارتباط لرسول الله ولأمته لأن كل من أخذ بدين رسول الله ناله من ذلك الخير بقدر ما أخذ. وهذه فيها وقفة جميلة جداً وهي بقدر ما تأخذ من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيبك الخير ويفتح الله لك من طيب النفس وانشراح الصدر وسعة الرزق وحسن الذكر ولسان الصدق بقدر ما تأخذ من ذلك الخير, فالذي أوتيه رسول الله خير كثير فالناس أمام هذا الخير مستقلون ومستكثرون. فهناك أناس يأخذون برفق أو يأخذون شيئاً يسيراً فيصيبهم من الخير بقدر ما أخذوا. وهناك أناس يخوضون في هذا الخير فيأخذون منه شيئاً كثيراً وهذه جعوة لنا جميعاً أن نأخذ من علم رسول الله وأن نأخذ من هذا الهدي الذي أنزل على رسول الله وأن نأخذ من السنة التي أبقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، أن نأخذ منها ونأخذ بها ونستمسك بها فيسؤتينا الله من الخير بقدر ما أخذنا من ذلك الخير.

د. الربيعة: هناك معنى يقابل ذلك وهو أنه مهما شنأ بنا أعداؤنا واستهزؤا بنا وسخروا منا فأنت أيها المؤمن حينما يستهزئ بك أحد فإن الله تعالى قد أعطاك خيراً كثيراً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير