تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: والثاني أن النحر فيه منفعة ومصلحة للناس لأنك إذا نحرت لله عز وجل أطعمت المساكين بخلاف ما ذكره الله في السورة السابقة عن الذين يكذبون بالدين فإنهم يدعون اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين ويمنعون الماعون أما أنت فأنت تنحر وتعطي كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نحر مائة من الإبل ثلاثة وستين بيده الشريفة والباقي نحره علي بن أبي طالب ثم تُركت للناس يأخذون من اللحوم ما شاؤوا وهذا يدل على أن الإسلام لم يأت ليكون ديناً في مسجد أو في محراب أو جلسة مع مصحف وإنما هو دين للحياة نحن علاقتنا مع الله وعلاقتنا أيضاً مع عباد الله نتعبد لله عز وجل بأن نطيعه وأن نسجد بين يديه ونتعبد لله وأن نعطي عباده وأن نحسن إليهم.

د. الربيعة: ولعل من المعاني التي تستنبط في قوله (وانحر) الدلالة على التوحيد فهؤلاء يعبدون غير الله وأشار بالنحر الذي هو من أعظم أنواع التوحيد والعبادة فقال انحر لربك أي حقق توحيد ربك وصلّ أي اعبد ربك كما أمرك الله تعالى فإن هذا هو الشرع.

د. الخضيري: قال الله عز وجل (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) ماذا يمكن أن نستفيد من دلالات من خلال هذه الجملة العظيمة التي ختم الله بها هذه السورة؟

د. الربيعة: هذا الختام هو بعد أن ابتدأ الله عز وجل الامتنان على النبي عليه الصلاة والسلام بأن أعطاه الخير الكثير وشرّفه بهذا الفضل العظيم ختم السورة بما هو مناسبتها وكأنه قال لا يهمك أمره بعد هذا العطاء وهذا الخير هل يليق بالإنسان بعد أن يعطيه الله الخير أن ينظر إلى أولئك المستهزئون وأولئك الشانئون وأولئك الساخرون؟! لا والله، كفى به شرفاً وعزاً وقوة أن يكون على هذا الدين. ختام السورة في قوله (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) كأنه قال الله عز وجل لا تأبه بهم فإن الله سيقطع أمرهم وشأنهم هو الأبتر هو الأقطع، هل في معنى الأبتر معنى في الاستهزاء بهم والسخرية منهم؟

د. الخضيري: لا شك أنهم استهزأوا برسول الله في شيء ورد الله استهزاءهم عليهم ورد كيدهم في نحورهم فجعلهم هم المبتورين. يعني وإن كنتم تملكون الإعلان والدعاية والمنصب والملك والقدرة على التأثير على الناس فإن كل ما تفعلونه سينقطع ويندثر ويذهب وسيبقى رسول الله. وانظر إلى الوعد الذي تحقق من الله سبحانه وتعالى فإن وعد الله لا بد أن يتحقق ولا يمكن أن يُخلف وعد الله أن يبترهم فبترهم ووعد الله أن يرفع ذكر محمد صلى الله عليه وسلم فرفع ذكره حتى إننا اليوم نشاهد أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينقطع من الأرض طرفة عين. في الأذان فقط الآن الأذان لا ينقطع من الأرض يدور في الأرض دوراناً. هناك الآن أناس في هذه اللحظة يؤذنون الظهر والآن هناك أناس يؤذنون العصر والآن هناك أناس يؤذنون المغرب والآن هناك أناس يؤذنون العشاء وأناس يؤذنون الفجر وفي كل أذان رفعة لمحمد صلى الله عليه وسلم فكل واحد منهم يقول أشهد أن محمداً رسول الله، هذا بالأذان فكيف بأنواع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم!. هل هذا خاص برسول الله؟ ليس خاصاً برسول الله بل من سلك مسلك رسول الله وقام بدين الله فإن شانئه ومبغضه والكائد له هو الأبتر هو الذي سنقطع وهو الذي سيزول ملكه وتذهب دولته وبذهب شرفه ويبقى شرف هؤلاء الدعاة. وانظر إلى شرف دعاة الإسلام في قديم الزمان وفي حديثه يكثر أعداؤهم ويؤذون ويودعون السجون، شيخ الإسلام ابن تيمية مات وهو في السجن وخرجت جنازته من السجن، أين هم الذين سجنوه؟ من يعرفهم؟ الذين وشوا به أين هم؟ ذهبوا وبقي ذكر ذلك الرجل الذي نصر سنة رسول الله

د. الربيعة: وهذه الآية في ختام البرنامج تعطينا درساً عظيماً أن أولئك الشانئون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يمثلون بصوره اليوم كأمثال الدانمارك وغيرهم سيبترهم الله وسيقطعهم بإذن الله عز وجل.

د. الخضيري: ونحن واثقون من ذلك. كانت المعاني المستنبطة من هذه السورة على قلة آياتها كثيرة جداً ولو أردنا أن نأخذ من ظلالها ونأخذ من معانيها ومن هداياتها ونجمع ذلك فإننا لا نستطيع ذلك في حلقة ولا حلقتين ولا أكثر ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. أسأل الله عز وجل أن ينفعني وإياكم بكلامه وكتابه وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير