تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الحلقة 26

د. الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. كما قدمنا لكم في بداية حلقات هذا البرنامج الذي نسبح فيه في عالم قِصار المفصّل تعاهدنا وتعلمنا على أن نأخذ دورة في هذه السور كيف نتدبر القرآن ونحول الآيات إلى منهاج عملي لنحيا بالقرآن. فهذا هو المجلس الخامس والعشرون وهذه هي الجلسة المخصصة لسورة المسد والتي يقول الله عز وجل فيها (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ?1? مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ?2? سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ?3? وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ?4? فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ?5? المسد). هذه السورة جاءت للحديث عن شخص لكن هذا الشخص متميز شخص خاص بمواصفات خاصة ولذلك خصصت هذه السورة له بل سميت باسمه بل صُرِّح في القرآن بإسمه على غير عادة القرآن الجارية على عدم التصريح بالكافرين والمنافقين والمناوئين للدعوة وإنما يذكرهم إجمالاً ويذكر صفاتهم. في هذه السورة حديث خاص باسمه وبعينه، لماذا؟ وما الحكمة من ذلك؟ لماذا تحدثت هذه السورة عن شخص معين.

د. الربيعة: هذه السورة سورة المسد تحدثت عن أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عمه أبو لهب وهذا يجرّنا إلى البحث عن سبب نزول هذه السورة. سبب نزول هذه السورة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أُمر بإعلان دعوته (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) الشعراء) (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ (94) الحجر) فصعد على الصفا ونادى قريشاً ثم قال لهم لو أخبرتكم أن خلف سفح هذا الجبل جيشاً سيغزوكم أكنتم مصدقيّ؟ قالوا ما جربنا عليك كذباً، قال إن ينذير لكم بين يدي عذاب أليم، فقال أبو لهب بجرأته وهم عمّ النبي صلى الله عليه وسلم وهزّ يده عليه وقال تباً لك ألهذا جمعتنا؟ تبّاً يعني هلاكاً ووعيداً وتشنيعاً عليه فأنزل الله عز وجل هذه السورة لتكون عبرة لمن خلفه ممن يعلن العداوة للدعوة وأهلها. وهو عم النبي وأقرب الناس إليه لم يحابيه القرآن ولم تحابيه هذه السورة ولم يصرح القرآن برجل غير هذا الرجل من أهل الكفر الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

د. الخضيري: لم يصرح إلا بإسم أبي لهب

د. الربيعة: هذا يدلنا على أن أول المعادين للدعوة يتولى كِبراً وإثماً عظيماً (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) النور) فمن تولى كبر المعصية وساق الناس إليها ودعا الناس إليها ومن تولى كبر عمل من الأعمال

د. الخضيري: مناوأة الدعوة ومعاداة الداعين إلى الله سبحانه وتعالى ومحاولة تشكيك الناس بثوابتهم ودينهم فإنه يجب علينا أن نرد عليه بقوة ونقطعه ونبين تهافت حجته وأيضاً نصرح بإسمه

د. الربيعة: قد يقول بعض الناس لماذا نتكلم عن الأسماء؟ نحن نتكلم عن الأسماء حينما تكون هذه الأسماء رموزاً للشر ويكون لها كبر الأمر وتولي كبر هذا الفساد والإفساد حينها ينبغي أن نصرح بإسمهم تحذيراً منهم ومن شرّهم. فالقرآن في عادته لم يصرح بإسم أبي جهل ولا بإسم ابن شيبة ولا بغيرهم من صناديد قريش إنما صرح بأعمالهم وسيء أخلاقهم. أما ابو لهب حينما كان أول من تولى العداوة فقد صرّح بإسمه فنقول أننا بحاجة أن نفقه هذا المنهج الرباني في التصريح بالأسماء. لعلنا نواصل الحديث في هذه السورة لنتبين حقيقة هذا الرجل والذي دعاه إلى هذا الكبر وهذه الغطرسة، يقول تعالى (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ?1? مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ?2?)

د. الخضيري: ماله وولده وجاهه جعلوه يكذب برسول الله صلى الله عليه وسلم إضافة إلى ما طُبع عليه من الكبر الذي منعه من قبول الحق فهو امتنع عن قبول دعوة النبي صلى الله عليه وسلم مع وضوحها وبيان الحجة فيها وأن النبي صلى اله عليه وسلم لم يدخر وسعاً في القيام بالحجة على وجهها.

د. الربيعة: لو كان المكذبين ليسوا من عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم لكان له في ذلك عذر عند قبيلته وعذر عند عشيرته لكن هذا أقرب الناس إليه فالإنسان من أعظم ما يدعوه إلى الإعراض وأعظم ما يدعوه إلى الصد عن سبيل الله عز وجل حينما يكون ذا غنى وكونه ذا جاه وذا شرف ومنصب في الناس وهذا نشاهده على الواقع، نجد في الناس من هو ذو وجاهة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير