تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (34) سبأ) تأمل هذا المعنى أن الترف والرفاهية وكثرة المال والغنى يطغيان العبد كما قال عز وجل في سورة العلق (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (7)) متى رأى الإنسان نفسه مستغنياً فإن هذا يدعوه إلى الطغيان والاستكبار بالحق.

د. الربيعة: تأمل أيضاً سورة الهمزة (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2)) جمع مالاً وعدده فكان سبباً في طغيانه واستهزائه وسخريته كما سيأتي الحديث عنه في سورة الهمزة. بعد ذلك تأمل السورة في قوله (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ?1? مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ?2?)

د. الخضيري: عملك الصالح إذا اتقيت به الله عز وجل

د. الربيعة: هذه الصورة التي تمثل بها أبو لهب صورة تتكرر كثيراً في واقعنا. ولهذا أبرزها الله عز وجل في هذه السورة وأبرز هذا الرجل ليكون عبرة لغيره وكل من تصدى للصد عن سبيل الله عز وجل فيكون أمامه ابو لهب الذي توعده الله تعالى بالويل (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ). وتأمل كيف قال (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ) في مقابل قوله (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) ما المناسبة بين هذين اللفظين؟

د. الخضيري: لا شك أن أبا لهب كان يُكنة في الجاهلية بأبي لهب من إشراق وجهه وحمرته الحمرة التي كانت تعلوه فكان كأنه قطعة من اللهب، فالله عز وجل توعده بضد ما كان يُكنى به وهو أنه سيصلى ناراً متلهبة فكما كنت ذا لهب في الدنيا فأنت ذا لهب في الآخرة وستصلى ناراً ذات لهب.

د. الربيعة: هذا يجعلنا نقول أن الإنسان سيعذب بالأمر الذي كان سبباً في توليه هذا الكبر وإعراضه. فالإنسان الذي تولى كبره من منصبه فإنه سيعذب يوم القيامة بمنصبه.

د. الخضيري: ومن أحب شيئاً دون الله عز وجل وعبده دون الله عز وجل عُذّب به. لاحظ أيضاً مسألة أخرى مهمة جداً أن أبا لهب لم يقتصر عليه العذاب بل حتى الذين عاونوه وعاضدوه وساندوه ووقفوا معه وكان لهم دور ثانوي في دعم مسيرته في صد الناس عن دين الله عز وجل كان لهم مثل وعيده. فلا تقل أنا سرت في ركاب هؤلاء وسايرت هؤلاء الناس ومشيت معهم وهم الذين غرروا بي، لا أحد يغرر بأحد وما أحد إلا مسؤول عن نفسه ولذلك ذكر الله عز وجل في القرآن امرأته (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (5)) لهذا نحن نحذر أنت مسؤول بنفسك عما تعتقده وعن مواقفك وستُسال عنها أمام الله سبحانه وتعالى. لا تقل فلان قال بها فقلت بها مثلما قال، لا، عندما يقول بها فلان إعرضها على قلبك واعرضها على عقلك واعرضها كتاب ربك واعرضها على الح واعرضها علة الواقع تأمل هل هي بالفعل تستحق أن يُتبع عليها صاحبها أو لا تستحق، فلا تكن إمعة إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤا أسأت ولكن وطّن نفسك إن أحسنوا أن تحسن وإن اساؤا ألا تتابعهم في إساءتهم

د. الربيعة: ما أكثر المطبلين للباطل يتبعونه وهم لا يشعرون! لكن حينما نتأمل السورة نجدها ركزت على هذا الرجل وزوجته، لماذا زوجته؟ هل فقط زوجته كانت تبعاً له أم كان لها شأن في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم؟

د. الخضيري: لا شك كان لها شأن في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقوم بادوار إيذاء للنبي صلى الله عليه وسلم لا تقل عما يفعله الزوج حتى أنها كانت تأتي بالقمامات والشوك وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم، كانت تؤذي النبي صلى الله عليه وسلم بلسانها، كانت تحاول أن تضع العراقيل في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، تشيع الشائعات، لم تكن مجرد مطبِّل فقط يعني تصفّق لأفعال زوجها فقط ولو فعلت ذلك لكانت ملومة ولكنها كانت تزيد على ذلك بأنها كانت تفعل أشياء محددة في صد الناس عن دين الله وإيذاء أصحاب الدعوات

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير