فإذاً من الأشياء التي عني بها الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره الإشارة إلى هدايات القرآن وتلمسها في تفسيره وهذا من أفضل كتب التفسير التي عنيت بهذا.
ثم قال:فالنظر لسياق الآيات مع العلم بأحوال الرسول صلى الله عله وسلم وسيرته مع أصحابه وأعدائه وقت نزوله من أعظم يعين على معرفته وفهم المراد منه خصوصا إذا انضم إلى ذلك معرفة علوم العربية على اختلاف أنواعها
فمن وفق لذلك لم يبقى عليه إلا الإقبال على تدبره وتفهمه وكثرة التفكر بألفاظه ومعانيه ولوازمها وما تتضمنه وما تدل عليه منطوقا ومفهوما
فإذا بذل وسعه في ذلك فالرب أكرم من عبده فلابد أن يفتح عليه من علومه أمور لاتدخل تحت كسبه.
ولما منّ الباري علي وعلى إخواني بالاشتغال بكتابه العزيز بحسب الحال اللائقة بنا أحببت أن ارسم من تفسير كتاب الله ماتيسر وما منّ به الله علينا ليكون تذكرة للمحصلين وآلة للمستبصرين ومعونة للسالكين ولأقيده خوف الضياع، ولم يكن قصدي في ذلك إلا أن يكون المعنى هو المقصود ولم اشتغل في حل الألفاظ والعقود للمعنى الذي ذكرت ولان المفسرين قد كفوّ من بعدهم فجزاهم الله عن المسلمين خير الله ارجوا وعليه اعتمد أن ييسر ماقصدت ويذلل ما أردت.
وقد ذكر في كتابه هذا كليات في التفسير من أفضل مايمكن أن يقراه طالب العلم وقد جعلها في آخر التفسير
وهذه الكليات قال فيها قال:
واتبعته بكليات وأصول من كليات التفسير لاستدراك مالعله يفوته القارئ في هذا الجزء فان الأصول والكليات تبنى عليها الفروع والجزئيات ويحصل بها من النفع والفائدة على اختصارها مالا يحصل في الكلام الطويل. والشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله كان له عناية بالقواعد ولذلك جمع قواعد من كتب شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم وغيرهما قواعد وجمعها في كتاب من تأمل هذه القواعد نفعه الله بها نفعا عظيما.
وكان له عناية بالغة بالقواعد الفقهية وكان له عناية بالغة بالقواعد التفسير وقد استطاع في كتابه القواعد الحسان في تفسير القران أن يجمع بعضا من هذه القواعد وإن كان هذا الكتاب يدخل فيه أمور في التدبر وأمور في قصص القران لاعلاقة لها بالقواعد.
ثم شرع رحمه الله بتفسيره للقران الكريم بإيجاز بعبارة واضحة وبعبارة سهلة دون استطراد ودون دخول في تفاصيل ولا في خلافات المفسرين ولذلك فان هذا الكتاب يعتبر من التفاسير المختصرة الموجزة ذات المنهج الواضح الخالي من التأويل العقدي المذموم وهذا الكتاب يعتبر من اسلم كتب التفسير في جانب المعتقد وينصح به لجميع طلبة العلم سواء منهم المبتدى أو المتوسط أو المنتهي لما فيه من الفوائد ولما فيه من النفائس بل إنني انصح نفسي وانصح إخواني بتكرار النظر في هذا التفسير فلا تمر عليك سنة إلا وتقرا هذا التفسير مرة بعد مرة حتى تترسخ في ذهنك هذه المعاني التي كررها الشيخ رحمة الله عليه في كتابه هذا والحق أن الحديث عن تفسيره والقراءة في تفسيره حديث ذو شجون إلا أننا نكتفي بما ذكرنا فيما يتعلق بمنهجه
طبعات التفسير:
فالتفسير قد طبع أول ماطبع طبع جزء منه فطبع من سورة الكهف إلى سورة النمل ولم يطبع كاملاً ثم بعد ذلك أرسل الشيخ رحمه الله الكتاب كاملاً فطبع أول ماطبع في مصر وقد تحدث المحقق الشيخ سعد الصميل حفظه الله عن الطبعات فقال أول طبعة سلفية سنة 1377 هجرية معتمدة نشرتها هذه الطبعة أو نشرت هذه النسخة عن النسخة التي أرسلها الشيخ السعدي رحمه الله وهذه الطبعة هي أجود طبعات التفسير القديمة طبعت عام 1377 بمعنى أنها ماصدرت إلا بعد وفاة الشيخ رحمة الله عليه.
ثم طبعت الطبعة السعيدية عام1397 هجرية وكانت بتصحيح وضبط محمد زهري النجار من علماء الأزهر الشريف، وقد اعتمد فيها على الطبعة السلفية السابقة.
و قد ذكر المحقق هنا الشيخ سعد الصغير الصميل ذكر الملحوظات على هذه الطبعة، ثم طبع طبعة ثالثة في مؤسسة الرسالة بتحقيق وعناية الدكتور عبد الرحمن بن معلى اللويحي حفظه الله وهذه الطبعة تعتبر من أحسن طبعات هذا التفسير وقد خرجت في مجلد واحد لطيف وبخط دقيق، ثم جاءت هذه الطبعة الأخيرة وهي الطبعة الرابعة للكتاب بتحقيق أو اعتنى به سعد بن فواز الصميل وصدر عن دار بن الجوزي عام 1425 هجرية، وهذه الطبعة طبعة جيدة وكذلك طبعة الدكتور عبد الرحمن اللويحي طبعة جيدة وكلاهما قد أجاد وأفاد فجزاهم الله خيراً.
عنوان الكتاب كما تقدم معنا هو تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
إلا أن هذا هو الاسم الذي اشتهر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله رحمة واسعة
هذا التفسير كتب الله له القبول في زماننا هذا وهو يقرا الآن في إذاعة القران الكريم في المملكة العربية السعودية كل يوم يقرأ منه جزء ويفسر و يقرأ من القران الكريم ثم يقرأ من تفسير الشيخ السعدي التفسير فكتب الله له الذيوع والقبول والانتشار وهذا والله اعلم لصدق نيته وإخلاصه هذا مانحسبه والله حسيبه
ونسال الله سبحانه تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يتغمده برحمته وان يجزل له الثواب على هذا المؤلف النفيس تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان فقد كان رحمه الله ممن سعوا في نشر ثقافة تدبر القران الكريم وانتفع به طلابه انتفاعا عظيما وتأملوا في تلميذه محمد بن صالح بن عثيمين فقد استفاد فائدة عظيمة من شيخه في هذا الجانب وهو جانب التدبر فجاء تفسير الشيخ محمد بن صالح العثيمين أوسع في جانب التدبر من تفسير شيخه ولو أتم الشيخ ابن عثيمين تفسيره لكان تفسيراً قيما
أسال الله أن يجمعنا بهم في جنات النعيم وان يوفقنا لانتفاع بعلومهم وان ينفعنا وإياكم والإخوة المشاهدون بكتابه وبعلوم كتابه.
¥