يقول الدكتور محمد أبو شهبة في كتابه المدخل إلى علوم القران عندما تحدث عن الإسرائيليات قال ولا اعلم أحد من المفسرين بعد الحافظ بن كثير حارب الإسرائيليات والموضوعات كما فعل الألوسي فقد أفاض في الرد عليها كما صنع في قصة يوسف وداود عليهما السلام وقد سبق الحديث عن المنهج الصحيح في التعامل مع الإسرائيليات وان الهجمة القوية على إيراد المفسرين الإسرائيليات غير مبررة وان المفسرين رحمهم الله من السلف ومن المتقدمين كان لهم منهجية في الاستعانة بالإسرائيليات في جانب ليس فيه ضرر وليس إليه ضرورة فهم كانوا يستعينون بالإسرائيليات في بيان بعض المبهمات في قصص القرآن في أمور خارجة عن حد التفسير إيرادها يزيدك علما والجهل بها لا يضر
منهجه في العقيدة من خلال تفسيره الألوسي رحمه الله كان من أسرة علمية مشهورة من أهل السنة وكانت مشهورة بإتباع السلف وهذا الغالب على علماء هذه الأسرة
أما الشيخ محمود الألوسي صاحب التفسير فقد كان ينسب نفسه إلى السلف ويختار مذهبهم في بعض المواضع ويختار مذهب الأشاعرة في بعض المواضع بل وينقل كلام شيخهم الرازي من تفسيره بحروفه مقراً له ويتردد بين هذا وذاك في بعض المواضع.
كما يعنى كثيراً بكلام الصوفية ويبالغ في مديحهم كثيراً حتى عدّه بعضهم من أهل التصوف وعُدّ تفسيره من تفاسير الصوفية ولذلك فالحكم على معتقده من خلال التفسير فيه صعوبة والأولى تتبع كلامه في بقية كتبه حتى تتضح هذه المسألة وهو يرد على المعتزلة ويرد على الباطنية في كثير من الآيات التي يحرفونها عن وجهها.
كان رحمه الله يطيل كثيراً في المسائل الخارجة عن التفسير في علم الكلام والنحو والعقيدة مع توفر مصادرها في كتب مستقلة وخروجها عن حد تفسير القرآن ولذلك جاء كتابه كبير الحجم جداً.
مصادره في التفسير كتب التفسير المتقدمة كلها كانت مصادر له إلا انه قد أولى عناية خاصة بتفسير الرازي وتفسير الزمخشري الكشاف وتفسير بن عطية المحرر الوجيز وتفسير أبي السعود العمادي المعروف بإرشاد العقل السليم وتفسير البحر المحيط لأبي حيان وتفسير البيضاوي وغيرها من كتب التفسير جعلها مصدراً اعتمد عليه في كتابه هذا.
ومن الأشياء التي عني بها في تفسيره التفسير العلمي لبعض الآيات القرآنية التي جاءت في باب الكونيات وأمور الفلك وما يتعلق بها فقد ذكر في تفسيره كثيراً من التفاسير العلمية للآيات الكونية وما يتعلق بالفلك ونحوه وهو في ذلك متأثر بتفسير الإمام الرازي فقد تقدم معنا عندما عرضنا تفسير الرازي في هذا البرنامج أن الرازي كان يعنى بالأمور الفلكية وتفسيرها تفسيراً علمياً وينقل كلام أهل الفلك وانه كان يعنى بذلك عناية فائقة ويقول انه ينطلق في ذلك من قوله سبحانه وتعالى لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَ?كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)
وقيل أنه دخل أحدهم عليه أو على تلميذ له وهو يقرأ في تفسيره فقال ماذا تصنعان قالا نحن نتدبر القران وإن الله سبحانه وتعالى قد قال: وَفِي أَنْفُسِكُمْ ? أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) الذاريات
فأمرنا في التدبر في أنفسنا.
وقال في آية أخرى: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَ?كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57) غافر
فدل هذا على أن التدبر في خلق السموات والأرض أعظم من التدبر في خلق الإنسان نفسه
وأخيراً شخصية الإمام الألوسي رحمه الله العلمية شخصية ظاهرة في تفسيره ومع أن تفسيره يعد موسوعة علمية كبيرة وفيها نقول كثيرة وطويلة عن العلماء من المفسرين اللغويين والنحويين والفقهاء والمحدثين وغيرهم إلا أنه كان يبرز في أخذه ورده ونقاشه لا أقوال العلماء بحجة وعلم تدل على تمكنه العلمي وهو في ذلك ليس كغيره من بعض المفسرين الذين ينقلون ويكثرون من النقول دون أن تبرز شخصيات هؤلاء المفسرين في كتبهم وإنما كانت له شخصيته الظاهرة في تفسيره هذا.
تفسير روح المعاني طبع عدة طبعات:
أول طبعة لتفسير روح المعاني هي الطبعة التي طبعت في مطبعة المنار عام 1355 هجرية وهي طبعة جيدة ومصححة إلا أنها أصبحت نادرة في زماننا هذا
¥