وقراءات بكذا وقرأ بها فلان وفلان ويذكر القراءات الشاذة والقراءات المتواترة، ثم بعد بيانه للقراءات يتكلم عن اللغة فيبين معاني المفردات اللغوية ويعتمد في ذلك على كتب المتقدمين من أهل غريب القران وأهل المعاني وأهل التفسير وأهل المعاجم اللغوية وهو في هذا ناقل عن المتقدمين وقل أن يكون له رأي أو ترجيح.
ثم النقطة الرابعة انه يعتني بالإعراب فيذكر أقوال أهل الإعراب و إعراب القران في إعراب التراكيب القرآنية وهو في أثناء ذلك في بيانه للمفردات اللغوية وفي بيانه للتركيبات النحوية يستشهد بالشعر وقد ذكر كثيرا من شواهده وهو لم يخرج في شواهده عن شواهد المتقدمين سواء الشواهد النحوية أوالشواهد اللغوية أو الشواهد البلاغية.
ثم بعد ذلك يذكر أسباب النزول للآيات إن كان لها أسباب نزول ويبين مافيها وما قيل فيها وان كان في الآيات نسخ أن كان فيها آية ناسخة أو فيها آية منسوخة فانه يبينها، ثم بعد ذلك يذكر المعنى الإجمالي للآيات وان كان يرجح بعض الأقوال على بعض في بعض الأحيان ثم يذكر في بعض الأحيان بعض الأحكام المستنبطة من الآيات وهو غير من مكثر من ذلك إلا انه قد يذكر بعض الحكام المستنبطة.
انتهى من هذا الجزء وهو الجانب الذي يتعلق بالدراية فهو دائما يقدم الجزء الذي يتعلق بالدارية.
يأتي إلى الجزء الثاني وهو المتعلق بالرواية فيذكر الأحاديث النبوية والآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم يذكر الأقوال التي وردت في تفسير الآية.
هذا هو منهج الشوكاني رحمه الله الذي يسير عليه غالباً في تفسيره، أنه يقدم الدراية ثم يأتي بعد ذلك بالرواية، وقد عابه بعض الباحثين وقال: ليته قدم الرواية ثم جاء بعدها بالدراية لأنه في أثناء حديثه عن الدراية ربما يذكر معنى من المعاني قال به السلف ويرجحه لأنه قال به بن عباس أو ورد في حديث صحيح أو كذا ثم يترك الحديث حتى يأتي في آخر الحديث، فربما قدم الرواية على الدراية لكان أولى أو لو انه مزج بينهما مزجا علمياً مناسباً كما كان يصنع المفسرون من قبله لكان هذا أيضا أسلوباً جيدا إلا أن هذا هو الأسلوب الذي سار عليه الشوكاني رحمه الله في كتابه فهو جمع بين الرواية والدراية إلا أنه قدم الحديث عن الدراية ثم جاء بعده بالحديث عن الرواية.
الإمام الشوكاني رحمه الله له في كتابه هذا أقوال وموقف
من أول مايصادفك في تفسير الشوكاني رحمه الله أنه حمل حملة شديدة عند تفسيره الأول في سورة البقرة عند قوله سبحانه وتعالى:. وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ? قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ? قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) البقرة
فتكلم كلاماً عن المناسبات بين الآيات وذهب الإمام الشوكاني إلى رد هذا الموضوع وهو موضوع المناسبات بين الآيات وقال إن العلماء يتكلفون في كتبهم علماً ماكلفهم الله سبحانه وتعالى به وهو أنهم يتطلبون مناسبة بين الآيات بعضها مع بعض وبين السور بعضها مع بعض، وحمل على من تزعم هذا المسلك وهو البقاعي رحمه الله في كتابه نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ويقول الشوكاني رحمه الله كيف يطلبون مناسبة بين الآيات وبين السور وهذه الآيات قد نزلت في أوقات متفرقة وفي أزمان متفرقة و في أماكن متفرقة ثم يتطلبون المناسبة فيقعون في التكلف الذي ماأنزل الله به من سلطان.
لكن الغريب أن الشوكاني رحمه الله في كتابه نفسه قد تطلب المناسبات بين بعض الآيات ببعضها مع بعض أو بعض السور بعضها مع بعض ولذلك فإنه يخرج نقده ورده الشديد لموضوع المناسبات على أنه كان يرد التكلف في البحث عن المناسبات بين الآيات وبين السور، بدليل أنه عندما جاء في كتابه البدر الطالع في أهل القرن السابع تكلم عن البقاعي رحمه الله بكلام جيد وأثنى على تفسيره نظم الدرر في تناسب الآيات والسور وقال: إنني استفدت منه في تفسيري كثيراً، مما يدل على أن الشوكاني رحمه الله لايرد موضوع المناسبات ردا مطلقا وإنما يرى أن التكلف في البحث عن المناسبات مذموم.
¥