تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الطبري رحمه الله فوائد وعبر كثيرة فقد عاش حياته رحمه الله اعزبا لم يتزوج , عاش منقطعا للعلم وللتعليم وللتأليف , ولذلك كما قال ابن الجوزي رحمه الله ولد العالم ولده المخلد , فقد بقيت آثار محمد بن جرير الطبري وآثار تلاميذه ثروة علمية للأمة الإسلامية ينهل منها طلاب العلم حتى اليوم , وعاش رحمه الله حياة كفافا ,فما كان رحمه الله موسرا وإنما كان رحمه الله يعيش حياة الكفاف. وفي هذه القصة وفي هذه الحياة التي عاشها الإمام محمد بن جرير الطبري عبر كثيرة لطالب العلم , أول هذه العبر أن هذه الرؤيا التي رآها والده في صغره كانت دافعا وحافزا له بإذنه تعالى على المسارعة إلى طلب العلم والمسارعة إلى حفظ القرآن والعناية بهذا الابن الصغير , الأمر الثاني أن الإمام الطبري رحمه الله كان عالي الهمة فمنذ بدأ بحفظ القرآن وطلب العلم وهو صغير ماانقطع عنه رحمه الله حتى وافاه الأجل. وسأقرأ عليكم طرف ممافي ترجمته رحمه الله وهي ترجمة ملخصة من ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي و من كتاب تاريخ بغداد " طوف رحمه الله أقاليم الإسلام لتحصيل العلم ولقاء العلماء فجال بلاد خرسان والعراق والشام ومصر ثم استقر في بغداد -كما تقدم معنا- وقد حاز رحمه الله مقام الإمامة وهو في مقتبل شبابه ثم غدا بعد ذلك إماما فذا مشهود له مرجوع إليه في كل العصور وعلى مر الدهور" ويقول الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في وصفه و هو وصف يدل على تقدمه رحمه الله يقول: (كان احد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله وكان قد ج مع من العلوم مالم يشاركه فيه احد من أهل عصره وكان حافظا لكتاب الله عزوجل عارفا بالقراءات بصيرا بالمعاني فقيها في أحكام القران عالما بالسنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها , وله التفسير المشهور الذي لم يصنف أحدا مثله -وهو الذي سوف نتحدث عنه ونكمل الحديث من اجله – وهو جامع البيان عن وجوه تأويل آي القرآن , وله الكتاب المشهور في التاريخ المسمى "بتاريخ الرسل والأنبياء والملوك والأمم" , وله كتاب "تهريب الآثار وتفصيل الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأخبار" وهو كتاب لم يصنف مثله فقد طبع منه أجزاء حققها العلامة محمود شاكر رحمه الله وهو مسند علي بن أبي طالب ومسند عمر بن الخطاب ومسند ابن عباس –رضي الله عنهم أجمعين- , وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة واختيار من أقاويل الفقهاء وتفرد بمسائل حفظت عنه , قال الإمام الاسفرائيني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب ابن جرير لم يكن ذلك كثيرا , وقال الإمام أبو بكر بن خزيمة بعد أن وقف على تفسير الطبري: نظرت فيه من أوله إلى آخره وما أعلم على قديم الأرض اعلم من ابن جرير). * وهذه شهادات أيها الإخوة من علماء كبار تدل على قيمة هذا الكتاب وهذا التفسير الذي بصدد الحديث عنه. قال الخطيب البغدادي في ترجمته نقلا عن تلميذه أبي بكر بن كامل: (قال لي أبو جعفر *وهذه بها عبرة* حفظت القرآن ولي سبع سنين وصليت بالناس وأنا ابن ثمان سنين وكتبت الحديث وأنا ابن تسع سنين ورأى أبي في النوم أني بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وكان معي مخلاة مملؤة حجارة وكنت ارمي بين يده فقال له المعبر انه إن كبر نصح في دينه وذب عن شريعته * فكانت هذه سبحان الله بداية انطلاق هذا الإمام العظيم ولذلك لايحتقر أي احد منكم أيتها المشاهدون و المشاهدات ابنه ولو كان صغيرا طفلا في الخامسة أو الأربعة أو السادسة إذا رأى منه نبوغا وذكاء وحرصا على حفظ القرآن وحفظ الحديث أو حفظ ماينفعه من العلم فإن ذلك قد يكون بإذن الله إماما من الأئمة الذين ينفع الله بهم الأمة الإسلامية فإنه قد قتلنا في هذا الزمان التثبيط وتحطيم المعنويات والتقليل من شأن قدرات أبنائنا الطلاب في زمانا نحن في أمس الحاجة إلى كل جهد مخلص وإلى كل طاقة في هذه الأمة انظروا إلى محمد بن جرير كيف كانت بدايته هذه الرؤيا دفعت أباه للعناية به وتحفيظه القرآن وعونه على طلب العلم ورحله حتى انه رحل وسافر إلى بغداد والى الكوفة والى البصرة والى الشام والى مصر وبقي في مصر مدة طويلة ثم عاد إلى بغداد وأبوه رحمه الله ذلك الرجل العامي هو الذي يكفله وهو الذي ينفق عليه ويرسل إليه النفقة إلى مصر وهذا فيه أدب لنا نحن طلاب العلم أننا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير