تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

اجتمعت له هذه الأمور، فهو الصدّيق حقّا،

فالرضا بإلوهية الله يتضمن: الرضا بمحبته وحده، وخوفه ورجاءه، والإنابة إليه، والتبتل إليه سبحانه، مع امتداد قوى القلب كلها لله وحده، بحيث لا يريد العبد الا الله، ولا يحب الا لله، وذلك فعل الراضي كل الرضا بمحبوبه، وهذا يتضمن عبادة الله والإخلاص له وحده ..

وأما الرضا بربوبية الله فيتضمن الرضا بتدبيره لعبده .. ويتضمن أن العبد يرضى بكل ما قدّره الله عليه، ولو كان من المصائب، ويتضمن إفراد الله بالتوكّل عليه، وبالاستعانة به، والثقة به والاعتماد عليه، وأن يكون المرء راضيا ً بكل ما يفعله الله به، فالنوع الأول يتضمن رضا العبد بما يؤمر به، والنوع الثاني يتضمن رضا العبد بما يقدّره الله عليه.

وأما الرضا بنبيه رسولا .. فيتضمن كمال الانقياد له، والتسليم المطلق إليه، بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقّى الهدى الا من مواقع كلماته صلّى الله عليه وسلم،ولا يحاكم الا إليه وإلى كتاب ربه، ولا يحّكم غيره،ولا يكون راضيا ً بحكم غيره، لا في شيء من أحكامه الظاهرة أو الباطنة، فإن عجز عن العثور على حكمه، كان تحكيمه لغيره من باب الاضطرار كالمضطر لا يجد طعاما ً الا الميتة والدم.

وأما الرضا بدين الله .. فإذا قال شرع الله سلّم له، ورضي به، أو حكم الله أو أمر أو نهى .. رضي كل الرضا بذلك، ولم يبقى في قلبه حرج من حكمه، وسلّم له تسليما ولو كان مخالفا ً لمراد نفسه أو هواها أو قول مقلّده أو شيخه أو طائفته، وثمرة الرضا بذلك .. الفرح والسرور بالرب تبارك وتعالى.

من كمال عبودية العبد .. علمه بأن وقوع البلّية عليه من تقدير المالك الحكيم، الذي هو أرحم بك يا أيها العبد منك بنفسك،فيوجب له ذلك الرضا بالله والشكر له على تدبيره ولو كان مكروها ً له .. قال تعالى) قُل لَن يُصِيبَنَا الا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَولانَا وَعلَََى اللهِ فَليَتوكّلِ المُؤمِنُون (أي هو متولي أمورنا الدينية و الدنيوية، ولذلك فهو لا يقدّر لنا الا ما كان أحسن لنا، فعلينا الرضا بأقداره.

إكمال الدرس في المرفقات


*نبذة من الدرس (13) *

** القناعة**

الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..

أما بعد، أسأله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن رُزق القناعة في كل شأنه .. إن من عبادات القلوب التي يتقرب المؤمنون بها إلى ربهم عبادة القناعة.

القناعة: أن يقنع الإنسان بما قدر له الله من الرزق، والقناعة رضا العبد بالمقسوم من الأرزاق مع عدم تطلع القلب إلى غير ما في يدي صاحبة .. القناعة نعمة عظيمة ينعمها الله على بعض عباده، فتهنأ نفوسهم وترتاح قلوبهم وقد بشّرت الحياة الطيبة بقوله تعالى) فَلَنُحِييَنَّهُ حَيَاةً طَيبَةً (بالقناعة والرضا والرزق الحسن.

إن كثرة مال المرء لا تعني غناه ولا سعادته، وإنما الغنى في القناعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس].متفق عليه.

ومن أسباب القناعة عدم تطلع الإنسان إلى من فضّله الله عليه في أمور الدنيا وإنما يطالع من كان أقل منه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [أنظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم] وبذلك يحصل للمرء القناعة و الرضا بما رزقه الله فيكون من أهل العفاف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [ومن يستعفف يعفّه الله ومن يستغني يغنه الله] متفق عليه.

إن القناعة كما يحصل بها راحة البال وهدوء النفس .. يحصل بها الفلاح والنجاح دنياً وآخرة، في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنّعه الله بما آتاه]،عند ابن حبّان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنّعه الله به]،وفي الحديث الاخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [من أصبح معافىً في بدنه آمناً في سربه، عنده قوت يومه وليلته، فكأنما حيزت له الدنيا].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير