تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد كرر الله في كتابه التذكير بأن الله وحده:هو الذي ينفرد بجلب النعم، ودفع النقم .. ومن عرف أن النعم كلها الظاهرة والباطنه، القليلة والكثيرة إنما يتفضل الله بها وحده، وأنه ما من نعمة الا منه، ولا من نقمة ولا شدّة ولا كربة الا والله هو المنفرد بدفعها، وان الخلق لا يملكون لأنفسهم فضلاً عن غيرهم جلب نعمة ولا دفع نقمة.

من عرف ذلك .. كان من عبّاد الله ـ جلَّ وعلا ـ بقلبه، قال تعالى) وإن يَمسَسكَ اللهُ بِضُرّ فَلا كَاشِفَ لَهُ الا هُوَ وإن يُرِدكَ بخَير ٍفَلا رَادّ لِفَضلِه يُصِيبُ بهِ مَن يَشَاءُ مِن عِبَادهِ وهُوَ الغَفُورُ الرّحِيم (وقال) مَا يَفتَح ِالله لِلنّاسِ مِن رَحمَةٍ فلا مُمُسِكَ لَهَا وَ مَا يُمسِك فَلا مُرسِلَ لَهُ مِن بَعدِه (وقال) ومَا بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ الله (.

والمؤمن معترف بأن الله هو الذي أوجده من العدم، وأمدّه بأسباب الحياة، وواصل عليه النعم ونقله من طور إلى طور حتى سوّاه وجعله رجلاً كامل الأعضاء والجوارح المحسوسة والمعقولة، وبذلك يسّر له من الأسباب، وهيّأ له من نعم الدنيا،ولم يحصل ذلك بقوة العبد ولا بقدرته ولا بحيلته، بل حصل بنعمة من الله وفضل، قال تعالى) وأمّا بِنعمَةِ رَبّكَ فَحَدّث (أي فليتحدّث القلب واللسان بنعم الله تعالى، وقال) وَذَكِّرهُم بأيّامَ الله (قال ابن عبّاس: {بنعم الله}.

وجاءت النصوص تحذّر من الاغترار بنعم الله .. وإمهال الله للعبد، قال تعالى) ولَئِن أَذقنَاهُ نَعمَاءَ بَعدَ ضَرّاءَ مَسّته لَيقُولَنَّ ذَهَبَ السَيئَاتُ عَنّي إنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُور (وقال) وإذَا أنعَمنَا عَلَى الإنسَانِ أعرَضَ ونَاءَا بجَانِبه (وقال) واللهُ لا يُحِبُّ كُلّ

مُختَالٍ فَخُور (أي متكبر معجب بنفسه،فخور بنعم الله ينسبها إلى نفسه وـ وتلهيه تلك النعم.

كما أن العبد يحذر من إضافة نعم الله إلى من كان سبب فيها، لأن السبب لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرا، ولا يستقلّ بإيجاد تلك النعم، قال الله تعالى) يَعرِفُونَ نِعمَة َالله ِثُمّ يُنكِرُونَهَا (فإنهم لما أضافوا النعمة إلى غير الله، فقد أنكروا نعمة الله بنسبتها إلى غيره، فإن الذي يقول هذا .. جاحد لنعمة الله عليه، غير معترف بها. فهو كالأبرص والأقرع اللذَين ذكرهما الملك بنعم الله عليهما فأنكراها وقالا: {إنما ورثنا هذا كابرا ًعن كابر}.

وكون النعم موروثة عن الآباء، أبلغ في إنعام الله عليهم، إذ أنعم بها على آبائهم، ثم أورثهم إياها،فتمتعوا هم وآباءهم بنعم الله.

إن اعتراف القلب بفضل الله .. يكسب رضا الله ومحبته، اعتراف القلب بفضل الله .. من أسباب حفظ النعمة وزيادتها وعدم زوالها، فيحسن أن تعالج القلوب غير الشاكرة بأن تعرف وتعرّف بأن النعمة إذا لم تشكر زالت ولم ترجع، قال الفضيل ابن عياض: {عليكم بملازمة الشكر على النعم، فقلّ نعمة زالت عن قوم فعادت إليهم}.

اكمال الدرس في المرفقات

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير