من أسباب حصول الخشية لله تعالى في القلب .. أن يتذكر المؤمن الموت، وما بعده من الأهوال العظيمة يوم قيام الساعة، و تذكر مصير الناس إلى جنة أو نار، قال تعالى عن الساعة) إنَّمَا أنتَ مُنذِرُ مَن يَخشَاهَا (.
من أسباب تحصيل الخشية في قلب العبد .. أن يتضرع المرء بين يدي الله وأن يدعه سبحانه من أجل أن ينيله خشيته، وكان من دعاء النبي صلّى الله عليه وسلم (اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة)، ومن دعاءه صلّى الله عليه وسلم: (اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك).
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[15 Aug 2010, 12:58 ص]ـ
الدرس (19)
الرحمة
الحمد لله يرحم الرحماء من عباده، والصلاة والسلام على محمد ٍصلى الله عليه وسلم، وصفه ربه بأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم ..
أما بعد ... فإن من العبادات القلبية التي يتقرب المؤمنون بها إلى ربهم جلَّ وعلا، أن يرحم بعضهم بعضا ..
والرحمة خلق فاضل يتضمن الرأفة والعطف والرقة والودَّ، ومحبة وصول الخير للآخرين .. وهذه الرحمة من مقتضى الأخوة التي يقول عنها جلَّ وعلا) إنّمَا المُؤمِنُونَ إخْوَة (.
وإنما جعل الله المؤمنين إخوة ليتعاطفوا ويتراحموا،
وقد عاب النبي صلَّى الله عليه وسلم على رجل فقال له: {أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة .. من لا يرحم لا يُرحم}.
ولما دمعت عينا النبي صلَّى الله عليه وسلم لموت أحد أسباطه أي أبناء بنته، قال سعد ابن عباده: {ما هذا يا رسول الله؟!} فقال: {إنما هي رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء}، وفي الحديث الآخر {لا تُنزع الرحمة إلا من شقي} وقال صلَّى الله عليه وسلم: {الراحمون يرحمهم الرحمن .. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء} ..
ومن صفات النبي صلّى الله عليه وسلم أنه رحيم بالمؤمنين، كما قال تعالى واصفاً نبيه صلَّى الله عليه وسلم) بِالمُؤمِنينَ رَؤُوفٌ رَحِيم (أي شديد الرأفة و الرحمة بهم، فهو أرحم بهم من أنفسهم ومن والدِيهم، وقال تعالى) فَبِمَا رَحْمَةٍ منَ اللهِ لِنتَ لَهم وَلَو كُنتَ فَضّاً غَلِيظَ القَلبِ لانفَضّوا مِن حَولِكَ ( ...
وقد وصف الله جلَّ وعلا نبيه محمد صلَّى الله عليه وسلم فقال) وَيُؤمِنُ لِلمُؤمِنين وَرَحمَةٌ لِلّذِينَ آمَنُوا (وكان النبي صلَّى الله عليه وسلم يُجلِسُ الحسن و أسامه على فَخِذيه ويقول: {اللهم ارحمهما .. فإني ارحمهما} فصَّلى الله على هذا النبي الكريم الذي وصفه ربه بقوله) لَقد جَاءَكُم رَسُولٌ منْ أنفُسِكم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتم حَرِيصٌ عَلَيكم بِالمُؤمِنينَ رَؤوفٌ رَحِيم (، بل إن الله جلَّ وعلا قد وصف أصحاب هذا النبي الكريم بهذه الصفة الفاضلة، صفة الرحمة فيما بينهم، يقول الله تعالى) مُحَمّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الكُفّارِ رُحَمَاءُ بَينَهم (.
لقد أوصى الله تعالى المؤمنين بالتراحم فيما بينهم، فقال جلَّ وعلا واصفاً عباده المؤمنين) وَتَواصَوا باِلمَرْحَمَه (.
جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال: {مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} , وخصوصا ً إذا كان هناك من هو أصغر منك، فإنه يشرع لك أن ترحمه .. جاء في الحديث أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال: {ليس منا من لم يرحم صغيرنا}، أما بالنسبة للآية السابقة التي فيها) ثُمّ َكاَنَ مِنَ الّذِينَ آمَنُوا وَتوَاصَوا باِلصّبْرِ وَتوَاصَوا باِلمَرْحَمَة (فالمراد بهذه الآية،أنه قد أوصى بعضهم بعضا برحمة الخلق، مما يُثمر إعطاء مُحتاجهم وتعليم جاهلهم والقيام بما يحتاجون إليه من جميع الوجوه، مع مساعدتهم لقضاء مصالحهم الدينية والدنيوية، وأن يُحب المرء لإخوانه ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه، ومن كان بهذه الصفة .. فهؤلاء هم الذين وفقهم الله لاقتحام العقبة وتجاوز النار إلى الجنة، وبالصبر تكون الشجاعة .. وبالمرحمة يكون الكرم والإحسان.
¥