ومما يدخل في رحمة المؤمنين بعضهم لبعض، أن يعفو بعضهم عن زلات بعضهم الآخر .. جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والوحوش والهوام، فا بها يتعاطفون و بها يتراحمون و بها تعطف الوحش على أولادها، وادّخَر تسع وتسعين رحمة لنفسه يرحم بها عباده}، ولفظ البخاري: {جعل الله الرحمة مئة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا، وأنزل في الأرض جزءاً واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه}، قال مالك ابن دينار: (ما ضرب عبد بعقوبة .. أعظم من قسوة قلب، وما غضب الله على قوم، إلا نزع الرحمة من قلوبهم) ..
ومن أسباب رحمة العباد بعضهم لبعض .. محبتهم لبعضهم، قال الله تعالى) إنَّ الّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهمُ الرّحَمَنِوُدّا (أي يلقي بينهم المحبة، فيحب بعضهم بعضا، فيتراحمون ويتعاطفون بما جعل الله لبعضهم في قلوب بعض ٍ من المحبة، وفي بعض الأحيان .. لا يرغب المرحوم وصول الرحمة له، ويكرهها .. ومع ذلك،يستحب للعبد أن يرحم من كان كذلك ولو بإيصال ما يكرهه مما ينفعه، ومثال ذلك .. الوالد , فإنه يُؤمر بتأديب ولده وتعليمه رحمة به، ولو كره الولد ذلك وشقّ عليه .. كالوالد .. يُلزم ابنه بشرب الدواء مع كراهيته له، رحمة به وأملاً في شفاءه.
ولإبقاء التراحم بين المؤمنين .. نهت الشريعة عن أن يؤذي المسلم إخوانه المسلمين، قال الله تعالى) والّذِينَ يُؤذُونَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِنَاتِ بِغَيرِ مَا اكْتسَبوا فَقد احتمَلوا بُهتَانَاً وَإثمَاً مُبينَا (.
إن تعاليم الشريعة .. كلها رحمة , و ليست رحمتها مختصة بالمسلمين , بل هي رحمة لجميع المخلوقين , كما قال تعالى) وَمَا أَرسَلنَاكَ إلا رَحْمَة ً لِلعَالَمِين (, وفي الحديث أن النبي صّلى الله عليه وسلم قال: {إنّا لم نُبعث طعّانين ولا لعّانين، ولكنّا بُعثنا رحمة للعالمين}، وقد ورد عنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال: {إنما أنا رحمة مهداة} , ومن هنا .. كان النبي صلّى الله عليه وسلم يحسن إلى الخلق , ومن جملة ذلك أن يرحم الخلق بتعليمهم وإرشادهم ودعوتهم وبيان ما ينفعهم وما يضرهم , ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم رحمة في حق كل أحدٍ من الناس بحسبه , حتى المكذبين له هو في حقهم رحمة .. ولهذا لما قال ملك الجبال: (دعني أُطبق عليهم الأخشبين , قال: لا، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله) ..
أسأل الله جلَّ وعلا أن يجعل الرحمة في قلوبنا ... هذا والله أعلم , وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .....
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[19 Aug 2010, 04:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قلوب الصائمين
نبذة من الدرس (20)
تصفية القلوب
الحمد لله رب العالمين .. أمر المؤمنين بتصفية قلوبهم بحيث تتمنى الخير للآخرين، وترغب في حصول الجميع على ما ينفعهم في الدنيا والدين .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..
أما بعد ...
فقد جاءت الشريعة بأمر المؤمنين بتمنّي الخير لجميع الخلق وخصوصا ًالمؤمنين، ويدخل في الخير الذي يتمنّاه الإنسان لغيره الهداية لدين الله، وتمسّكه بشعائر الإسلام والتزام أحكام الدين، ويدخل في ذلك تمنّي حصول الجميع على منافع الدنيا وثمراتها وخصوصاً مع المؤمنين،وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه} وفي لفظ {لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير}، وليس هذا خاصا ً بالمؤمنين فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنّة فلتدركه منيّته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر وليأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه} فإن قال قائل كيف يقال بأن هذا يشمل الكافرين والشريعة قد أمرتنا بقتالهم وجهادهم، قيل أن الشريعة قد أمرت بالإحسان إليهم قال تعالى) ولا تَزَالُ تَطّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنهُم إلّا قَلِيلًاً مِنهُم فَعفُوُ عَنهُم واصفَحْ إنَّ اللهَ يُحِبُالمُحسِنِين (وهذا معنى أعظم من تمنّي الخير لهم وقد جاء في الحديث {في كل كبد رطبة أجر} والله تعالى يقول) إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإحسَان (وهذا عامٌّ مع الجميع، لكن
¥