في الدعاء من الفائدة أنه يستدعي حضور القلب مع الله عز وجل، وذلك منتهى العبادات، فالدعاء يرد القلب إلى الله عز وجل، قال ابن رجب: [من أعظم شرائط إجابة الدعاء حضور القلب ورجاء الإجابة من الله تعالى] كما ورد [ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، وإن الله لا يقبل دعاء من قلبه غافل لاه] وفي التذكرة [الذكر لله له شرطان: حضور القلب في تحريره وبذل الجسد في تكثيره] وقال غيره: [إذا أردت استجلاب حضور قلبك الغائب ففرّغه من الشواغل مهما استطعت] ..
من فوائد حضور القلب .. إجابة الله لدعاء المسلم إذا دعاه بقلب حاضر مع تعلق القلب بالله عز وجل، مما ينتج عنه راحة النفس ونقاء القلب، ضرب الحكيم الترمذي رحمه الله أمثالاً لمن كان غافل القلب في عباداته فقال: مثل المصلي الذي يسهو بقلبه عن ربه كمثل رجل جنا جناية في حق الأمير ثم ندم فاستجمع أتباعه وتوجّه إلى باب الأمير معتذرا من أجل أن يصفح عن سوء أدبه، فلما أذن له الأمير ووقف بين يديه، وأقبل الأمير عليه بوجهه ليقبل عذره ويحسن إليه، أعطى ذلك الرجل جنبه للأمير وبدأ يتحدّث مع أحد خدم الأمير، فما ظنك بموقف الأمير حينئذٍ، ألا يُعرض الأمير عنه، ألا يقع في نفسه أن هذا متلاعب وليس بمعتذر، بل هذا مستخفّ بحق الأمير، ومن ثم فلن يعبئ الأمير بعذره ..
وضرب مثلا لمن يدعو بدون حضور قلب ولا رغبة ولا رهبة، بمن يطرق باباً ويطلب من أهله المساعدة فلما فتحوا له الباب وعرض حاجته عليهم، ودخلوا للبيت ليحضروا ما يقدّمونه له لم يلبث عند الباب، بل مضى لسبيله، فلما وصلت المساعدة للباب لم يجدوا ذلك الرجل الذي يطلب المساعدة، فأدخلوها داخل البيت، فكان الرجل ينتقل بين البيوت وهذا شأنه، فلم يحصل على مساعدة ولن يجد معيناً له ..
ومثل لمن يثني على ربه بقلب غافل بمن جنا جناية فلم يعتذر حال الإفاقة، بل لما شرب مسكرا وقف بين يدي المجني عليه وقبّل رأسه ومدحه، فلم يلتفت المجني عليه إليه لعلمه بأنه لا يعقل ما يقول ..
أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإيّاكم ممن حضر بقلبه في عباداته .. فكان قلبه حاضرا في صلاته وفي دعاءه وفي مناجاته، وفي ذكره وفي ثناءه على ربه .. هذا والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[21 Aug 2010, 04:03 م]ـ
وجزاك الله خير أم عبد الباري، وشكر لك
ورزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح والمسلمين.
سبحان الله،كيف ربط الشيخ بغيرة الله والعبادات، منها الدعاء وعدم حضور القلب أثنائه، وطغاء الغفلة عليه رغم أن الدعاء من أعظم العبادات وعدم التضرع والانكسار بين يدي ربه، وكيف أن الدعاء يرد القلب الي الله عز وجل، وفقدنا لآداب الدعاء للملك العظيم (علينا أن نستحي والله، من الله الكبير في عدم قيامنا بذلك) وهو يقول سبحانه (ادعوني أستجب لكم) ويقول: (فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)، وعدم حضور القلب في صلاته (وهي ركن من أركان الدين) رغم أنه يقول (الله أكبر) أي أكبر من كل شئ، وقد امتلأ قلبه بغير الله.
ويقرأ القرآن وقلبه غير حاضر، كلمات مهمة من الشيخ: (فإن الله يغار عندما يقرأ العبد القرءان ويكون قلبه في غير تأمل معاني كتابه، ومن أراد أن ينتفع بما في القرءان من المعاني العظيمة والمصالح الجليلة فليُجمع قلبه عند تلاوته أو سماعه، وليحضر بقلبه حضور من يخاطب به كأن الله يُكلّمك الأن، قال تعالى) إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكرَىَ لِمَن كَانَ لَهُ قَلب أو ألقَىَ السَمعَ وَهُوَ شَهِيد)
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[22 Aug 2010, 05:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قلوب الصائمين
الدرس (22)
الندم
الحمد لله قابل توبة التائبين .. يغفر الذنوب جميعا .. ويتجاوز عن النادمين .. والصلاة والسلام على من يُحفظ له في المجلس الواحد سبعين مرة (أستغفر الله وأتوب إليه) ..
أما بعد ...
فإن من أعمال القلوب التي يعظم أجرها .. الندم على ما حصل من الذنوب ..
¥