الندم على المعصية .. سبب لمحبة الله للعبد وفرحه به وإقباله عليه، كما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: {لله أفرح بتوبة أحدكم ممن ضلّ عنه بعيره وفي فلاة، وقد آيس منه، ثم أقبل عليه}.
الندم والتوبة والاستغفار من أسباب طيب الحياة الدنيا ومن أسباب تفضّل الله على العبد بالنعم في هذه الدنيا قبل الآخرة، كما قال سبحانه) وأنِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إليهِ يُمتِّعُكُم مَتَاعَا ًحَسَنَا ًإلى أجَلٍ مُسَمَّى ويُؤتِي كُلَّ ذِي فَضلٍ فَضلَه (.
يا من فاته الفوز في سباق الطاعات .. لا تفوتنّك ساعات الندم في التوبة فما أعظم أثرها على النفس، وما أكثر ثوابها عند الرب ..
إن من فضل الله على العباد أنه سبحانه يدعوهم إلى الندم والتوبة ليُثيبهم ويأجُرهم، ويمحو عنهم ذنوبهم وزلّاتهم، فهل من عاقل يستجيب لدعوة الله؟!! جاء في الحديث الذي رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {قال الله عز وجل: يا ابن آدم .. لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي} بل اسمع لما رواه الإمام مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {والذي نفسي بيده .. لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقومٍ يُذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم}.
علامة صدق الندم على ما مضى من الذنوب .. شدّة تحفّظ العبد فيما بقي من عمره مع مواظبته لأنواع الطاعات بالجد والاجتهاد، وكون العبد يرى أن ما يُؤديه من الطاعة قليل، وأن ما يُنعم الله به عليه كثير، مع رقة قلبه وصفاءه وطهارته، وكثرة بكاءه وحزنه، وتفويض الأمر إلى الله تعالى ..
فيا أيُّها المؤمنون .. شهر كريم .. شهر موسم للطاعات .. فالله الله .. اندموا على ما حصل منكم من السيئات واعزموا على عدم العودة إليها، فإن هذا الموسم مما يجعل المرء يستشعر فضل التوبة إلى الله، ويجعله يقلع عن معاصي الله، ويجعل الشياطين لا تتمكن من إيصال الوساوس إلى قلبه لأنها تُصفّد في شهر رمضان ..
فاستعملوا هذا الشهر في التوبة إلى الله جلّ وعلا، والندم على ما حصل منكم من الذنوب ..
أسأل الله جل وعلا أن يغفر لنا ولكم .. وأن يهدينا وإيّاكم للتوبة النصوح .. هذا والله أعلم ..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[23 Aug 2010, 02:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قلوب الصائمين
الدرس (23)
مراقبة الله
الحمد لله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ..
أما بعد ...
فإن قلوب المؤمنين العقلاء، تستشعر أن الله تعالى يراقبهم، قال تعالى) واعلَمُوا أنَّ اللهَ يَعلَمُ مَا فِي أنفُسِكُم فَاحذَرُوُه (وقال) يَعلَمُ خَائِنَةَ الأعيّنِ وَمَا تُخفِي الصُدُور (وقال) يَعلَمُ السِّرَ وَأخفَى (وقال) ألم يَعلَم بِأنَّ اللهَ يَرَى (، جاء رجل إلى عبد الله ابن المبارك فقال له: [أوصني، فقال: راقب الله، فقال الرجل: وما مراقبة الله؟! قال: أن تستحي من الله، وكن أبدًاً كأنك ترى الله] قال الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسير قوله تعالى) ألا حِينَ يَستَغشُونَ ثِيَابَهُم يَعلَمُ مَا يَسِرُّونَ وَمَا يُعلِنُون إنّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُدُور (قال: [أعلم أن الله تبارك وتعالى ما أنزل من السماء إلى الأرض واعظا ً أكبر ولا زاجرا ًأعظم مما تضمنته هذه الآيات الكريمة وأمثالها في القرءان، من أنه تعالى عالم بكل ما يعمله خلقه، رقيب عليهم ليس بغائب عمّا يفعلون، وضرب العلماء لهذا الواعظ الأكبر والزاجر الأعظم مثلا ليصير به كالمحسوس فقالوا: لو فرضنا أن ملكا ً قتّالا ً للرجال، سفّاكاً للدماء، شديد البطش والنكال على من انتهك حرمته ظلما، وسيّافه قائم على رأسه، والنطع مبسوط للقتل، والسيف يقطر دما، وحول هذا الملك الذي هذه صفته جواريه وأزواجه وبناته، فهل ترى أن أحدا ًمن الحاضرين يهمّ بريبة أو بحرام يناله من بناته أو أزواجه وهو ينظر إليهم، عالم أنه مطّلع عليه .. كلا .. لا يحصل ذلك، بل تجد جميع الحاضرين يكونون خائفين، وجلة قلوبهم، خاشعة عيونهم، ساكنة جوارحهم، خوفا ً من بطش ذلك الملك .. ولا شك ولله المثل الأعلى أن رب السماوات والأرض جلَّ وعلا أكثر علما وأكثر
¥