الحياء يكفّ النفس عن كل ما يشين ويقدح ..
الحياء يُلبس العبد ثوب الوقار وثياب المروءة ..
قد يقترن بالكبيرة من الحياء من الله والخوف منه سبحانه والاستعظام لذلك الذنب ما يُلحق تلك الكبيرة بالصغائر، وقد يقترن بالصغيرة من قلّة الحياء ما يلحقها بالكبائر، بل قد يجعلها في أشنع رُتَبِهَا اعتبارا ًبما في القلب، جاء في الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {استحيوا من الله حق الحياء .. فقالوا: يا رسول الله إنّا نستحيي والحمد لله. قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوا ولتذكر الموت والبِلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء}، وروى احمد في الزهد أن رجلا ًقال للنبي صلى الله عليه وسلم: {أوصني. قال: أوصيك أن تستحيا من الله كما تستحيي رجلا ًمن صالح قومك}، قال عبيد ابن عُمير: [آثر الحياء من الله على الحياء من الناس] ..
الذنوب تُضعف الحياء من العبد، حتى ربما انسلخ من الحياء بالكليّة، حتى ربما لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله، ولا باطلاعهم عليه، إن بين الذنوب وبين قلّة الحياء وعدم الغيرة تلازما ًعجيبا ًمن الطرفين وكلٌ منهما يستدعي الآخر ويطلبه .. من استحيى من الله عند معصيته، استحيى الله من عقوبته يوم يلقاه.
إن من الحياء نصيحة الخلق .. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن حياءك من الله أعظم من خوفك من خلقه، ترك ذلك عجز وخَوَر ليس من الحياء المشروع في شيء.
ومن الحياء أن تستحيّ أن تطلب غير مولاك، وأن تعرض حوائجك على أحد سواه، قال عمر رضي الله عنه: [من قلّ حياءه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه]، وقالت عائشة رضي الله عنها: [خلال المكارم عشر تكون في الرجل ولا تكون في ولده، وتكون في العبد ولا تكون في سيّده يجعلها إليه حيث يشاء:
أولها: صدق الحديث، وثانيها: صدق البأس، وثالثها: المكافأة بالصنائع، ورابعها: حفظ الأمانة، وخامسها: صلة الرحم، وسادسها: تذمم للجار، وسابعها: التذمم للصاحب، وثامنها: إعطاء السائل، وتاسعها: إقراء الضيف، وعاشرهن قالت: ورأسهنَّ الحياء]، وقال أبو أيوب الأنصاري: [أربع من سنن المرسلين .. التعطر والنكاح والسواك والحياء] ..
أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإيّاكم لخيري الدنيا والآخرة .. وأن يجعلنا وإيّاكم من أهل الحياء , اللهم أنشر الحياء في أمة نبيك ..
هذا والله أعلم .... وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ....
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[26 Aug 2010, 05:16 م]ـ
قلوب الصائمين
رقم (26)
محبة المؤمنين
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..
أما بعد ...
فإن من العبادات القلبية التي يؤجر العبد عليها .. محبة المؤمنين .. بأن يكون بين العبد وبين غيره من المؤمنين مودّة، يفرح بلقائهم، ويستبشر برؤيتهم، ويُسرُّ بوصول الخير إليهم، ويتعاون معهم ..
جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم {ذكر أن رجلاً زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله على مدرجته (أي طريقه) ملكا، فلما أتى عليه قال الملك: أين تريد؟ قال: أريد أخا ًلي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تردّها إليه؟ قال: لا .. غير أني أحببته في الله تعالى، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبّك كما أحببته فيه}.
إن الأخوّة الإيمانية .. تنطلق بين المؤمنين فتجعل بينهم المحبة والألفة، ومن ثم يوجد بينهم الأخلاق الفاضلة وحسن العشرة وكريم الصحبة، جاء في مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {المؤمن مألفة، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف}.
إن من أسباب انتشار المحبة بين المؤمنين .. أن يفشوا السلام بينهم، فيسلم المرء على من عرف ومن لم يعرف من المؤمنين، جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا تدخلون الجنة حتى تُؤمنوا، ولا تُؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفشوا السلام بينكم}.
¥