ومن خلال دراسة سورة البقرة، السورة التي اعتبرها التراث التفسيري الكلاسيكي صورة مصغرة عن القرآن، تخلص الورقة إلى اقتراحٍ من منظور مقارن، مفاده: أن القرآن يمكن أن يُميَّز عن غيره من الكتب المقدسة الأخرى بدرجة استعمال النص للثنائية (وليس المثنوية) وتشكله بها. وبغض النظر عن مدى تمثيلية هذا للأدب التنبؤي، فإن شيوع هذه الخاصية المتكررة تُبقي القرآن عرضة لقراءة معبِّرة عما يُدعى التخيُّل التنبؤي. هذه الورقة سوف تخلص ببعض الملاحظات عن مركزية الثنائية والرمزية في دراسة الأسلوب القصصي القرآني المميز، وفي تفصيل الشخصية وتصويرها أيضا.
- قصة شعيب في القرآن: ديفن ستيوارت (جامعة إيموري).
إن ردة الفعل العلمية على كتاب وانسبرو (الدراسات القرآنية) اقتصرت، حتى اليوم، على تحليل بيرغ وريبن، بالإضافة إلى نقد دعوى هذا العمل الأكثر إثارة للجدل، وهي أن القرآن قد جُمع خارج الجزيرة العربية بعد قرنين من وفاة محمد. وقليل من الاعتبار أعطي للأفكار المتينة التي صاغها وانسبرو بخصوص عملية جمع القرآن. لقد بدأ وانسبرو ملاحظاته بقوله: (كوثيقة قابلة للتحليل بوسائل وتقنيات نقد الكتاب المقدس إنها نظريا غير معروفة). ويريد بالنقد الكتابي هنا -كما يتبين للمرء- النقد التنقيحي عموما (المنهجية التي طبقها ريتشارد بل على نطاق واسع، وبكثرة، في ترجمته للقرآن وتفسيره له، بالرغم من أن وانسبور أهملها) أكثر من نقد الأصل، أو نقد الشكل أو المناهج الأخرى.
إن نصوص القرآن -برأيه- المشتقة من نصوصٍ قصيرة نسبيا والمنتشرة على نطاق واسع مسبقاً، هي التي حددت المنطق النبوي، القائم على جمع الأفكار البارزة المرتبطة بالنص والنبوة. إن تحليل هذه الأفكار الرئيسة يشكل تحديا، ولكن وصف عملية التنقيح أمرٌ يستحق النظر. يأخذ وانسبور قصة شعيب كمثال حقيقي نموذجي لعملية التنقيح التي حصلت في القرآن. النسخ القرآنية المتعددة لقصة شعيب (الأعراف 85 - 93؛ هود 84 - 95؛ الشعراء 176 - 190؛ العنكبوت 36 - 37) هي حصيلة جمع النسخ الشائعة للقصة التي كانت على اختلاف قبل جمع القرآن، وهذا السيناريو مماثل بشدة لأنماط التنقيح الكتابية. تثبت هذه الدراسة أن تفسير وانسبرو فشل في الأخذ بعين الاعتبار البنية الكبرى التي وضعت فيها نصوص قصة شعيب.
يقترح التفحص المفصل لهذه النصوص في سياقاتها الحالية، بدلاً من نظرية وانسبرو، أن النص الصغير -قصة شعيب- قد صيغ وشُكِّل في كل سياق ليناسب البنية الكلية والاستراتيجيات البلاغية للنص الكبير/أي السورة ككل. والتنوعات في النص الصغير إنما تتبع في الحقيقة اختلاف التركيز في النص الكبير؛ ولذلك فمن غير الوارد أنها اشتقت من نسخ مختلفة متقدمة عليها.
- الترادف والاشتراك في القصص القرآني: عصا موسى التي أصبحت أفعى: روبيرتو توتولي (جامعة نابولي الشرقية).
يذكر القرآن حادثة تحول انقلاب عصا موسى حية في ستة مواضع مختلفة مستعملاً ثلاث كلمات مختلفة للتعبير عن الحية (حية، ثعبان، جانّ). إن استخدام كلمات مختلفة كان محل بحثٍ ودرسٍ من قبل كثير من المفسرين القدامى والمحدثين، فهو قد أثر على بناء القصص لاسيما قصص الأنبياء.
تركز هذه المساهمة -بداية- على النص القرآني، بإبراز هذه الاستخدامات المختلفة، والإشارة إلى تطور النقاش التفسيري قديماً وحديثاً من خلال كتب التفسير وكتب غريب القرآن، وبيان الاختلاف فيه. ثم تكشف عن كيفية استخدام كتب قصص الأنبياء (المخطوطة منها والحديثة) والأدب الإسلامي جملةً للكلمات القرآنية المختلفة للتعبير عن (الحية) في بناء روايتهم القصصية. فقد أثَّر استخدام كلمات قرآنية مختلفة في اختيار المصطلحات في مختلف أحداث حياة موسى، حيث تحولت عصاه إلى حية (عند الشجرة الذهبية، أمام فرعون، وفي تحدي السحرة).
المحور السادس: الاستراتيجيات التأويلية
- تفسير التنقيحيين: هيربرت بيرغ (جامعة شمال كارولاينا).
لقد عُدَّ باحثون مثل ريتشارد بل وجون بروتون وآخرين - في الغالب - راديكاليين في تفسيراتهم للقرآن وجمعه. مع ذلك، فإن رؤيتهم تستند إلى المادة التراثية الإسلامية: التفسير، السنة، السيرة. بهذا الاعتبار، فإنهم محافظون -إلى حد ما- في تأويلاتهم ولا يختلفون عن المسلمين إلا في قضايا حساسة محدودة، وليس بأي حال في المنهجية.
¥