كان المحاضر هو الأخ عبد الرحمن السعدي، من تونس، وكانت محاضرته بعنوان الإعجاز العلمي من وراء الإعجاز العددي، وتندرج جميع المحاضرات لذلك اليوم ضمن محور التطبيقات والاستنباطات.
المهم غلبني المحاضر الأول، وافتك مني عنوة ضعف الوقت المحدد، فقد استغرق أربعين دقيقة كاملة. كنت وددت أني ما ترأست الجلسة، فأنا أعرف أني كثير الخجل وليس من عادتي إسكات أحد.
ولعل أحدا يقول أنه إنما دفعه الخجل من الأخ السعدي لأنه ابن بلد، فكلانا تونسي، وهذا أمر يستبعده الذي يعرفني من قرب، فإن لي قلب محب لا يفرق بين الناس .. أولعل أحدا يقول لقد أعجبه الكرسي فأراد أن يمدد فترة الجلسة على عادة الرؤساء، يقصد رؤساء الجلسات .. فمارس دكتاتوريته على الحاضرين حين رأى أنه يراهم من أعلى .. والحقيقة أني لست من ذلك الصنف ولكن الخجل غلبني ..
جاء المحاضر الثاني، وهو الدكتور حسن العبادلة من الأردن، وطلبت منه من البداية الالتزام بالوقت .. كانت محاضرته حول تأصيل فكرة الإعجاز العددي في القرآن الكريم.
بدأ محاضرته بالكلام عن المعنى اللغوي والاصطلاحي للمعجزة، ثم أخذه الحديث عن الإعجاز العلمي والكلام فيه. كان أشار في البداية أنه قسم عمله إلى أبواب أنهاها بباب التأصيل وبعض التوصيات .. المهم تجاوز العشرين دقيقة وما ذكر لنا تأصيلا ولا أوصى توصية .. قلت له: أخي حسن أنت تتحدث عن الإعجاز العددي واختلاف الناس حوله .. وأضنهم ما اجتمعوا إلا موقنين بوجوده فلو قدمت لنا بعض ضوابط هذا الإعجاز العددي والتوصيات التي ذكرت. وكنت أريد أن أحثه كي يسرع، فأجابني بأنهم مازالوا مختلفين حول الفكرة أصلا .. سكتت وتركته يتكلم تجاوز الثلاثين دقيقة .. لم أكن أدري ما أفعل، وماذا أفعل؟ تشجعت مرة أخرى وقلت له اذكر لنا التوصيات لم يبق لك وقت. حينها أسرع وذكر توصياته وصلينا على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وانتهت الجلسة الأولى.
بعد جلسة الشاي كان الموعد مع المهندس ماهر أمين من العراق، وكانت محاضرته بعنوان مشروع إثبات المعجزة العددية في آية البسملة من خلال اختبار ألف ترليون جملة .. والعنوان يحمل كل مافي المحاضرة .. ولم أجد عنوانا لمحاضرة متناسقا مع محتواها بقدر ما تناسق هذا العنوان مع محتوى تلك المحاضرة .. كنت تحادثت وجملة من طلبة كلية العلوم مع المهندس ماهر بعد المحاضرة حول تعلمه البرمجيات، فقال لي: لقد جندت نفسي أربع سنوات لأتعلم البرمجيات وقد كبر سني وأنا أترك هذه الأمانة للأجيال التي ستأتي بعدنا .. كانت كلماته علي كضرب الحسام، أسأل الله لي وله ولكم التوفيق.
ثم تحدث المهندس حسن فتاح عن هندسة الفواتح باعتبارها مدخلا لدراسات الإحكام العددي في القرآن.
بعدها جاء دور الأستاذ عبد الله جلغوم. كان أول ما قال بعد البسملة والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لقد خرج من القاعة قبل أن أقف لأحاضر خمسة وعشرين شخصا، وخشيت أن أبق وحدي.
ذكرني كلامه بقول النابغة للنعمان في اعتذاره إليه: كن حكيما في انصافي كما حكمت جارية كانت لها قطاة فحزرته ستا وستين فقالت:
يا ليت ذا القطا لنا ... إلى قطاة أهلنا
ومثل نصفه معه ... إذا لنا قطا مائة
فمثلما عجبت لسرعة إحصاء هذه الجارية لعدد القطا في طيرانه وبعضه يتقدم وبعضه يتأخر، عجبت لإحصاء الأخ جلغوم لمن خرج من القاعة والبعض منهم خرج والبعض دخل ..
كان تقديمه ممتعا، ووصفه دقيقا، وحسابه محكما.
تحدث عن ترتيب السور من حيث الزوجية والفردية في عدد ترتيبها وعدد آيها، وهو ما يعرف عنده بقانون الحالات الأربعة، وأضاف إليه أسرارا كثيرة عن ارتباط ذلك بالعددين 9 و10.
هو الآخر تجاوز العشرين دقيقة، فنظر إليه رئيس الجلسة وهو الدكتور عز الدين قهوادجي، وأشار إليه من تحت الطاولة أن أسرع، وكان الأخ عبد الله ينظر إليه ويتجاوز عنه، فلما أكثر عليه ونحن لا نرى ذلك منه لأن الإشارات كانت تحت الطاولة، ولكن حدثني الأخ قهوادجي عن الأمر بعد ذلك، نظر إليه وقال:
مالك تنظر إلي؟ أخفتني ..
كانت الكلمات مفاجأة أضحكت الحاضرين، وأضحكت رئيس الجلسة أيضا.
بعد المحاضرة ذهبنا للصلاة وتناول وجبة الغداء .. وقد أعلن رئيس الجلسة تأجيل المناقشة إلى ما بعد جلسات المساء.
لي عودة معكم إن شاء الله تعالى
أسألكم الدعاء
يغفر الله لي ولكم
عمارة سعد شندول
ـ[محمد عادل عقل]ــــــــ[25 Oct 2010, 05:45 م]ـ
ابدعت كما توقعت منك يا ابن سعد
ما شاء الله عليك
احسنت ولك الاجر ان شاء الله
عشنا معك تلك اللحظات ومع من جالست .. ومرت سريعا كما هي عادة المناسبات الجميلة
وبحسب خبرتي الاعلامية رأيت فيك صحفيا مبدعا محلقا حيث لا ينتبه الناس لمواضع التحليق تلك
وهو فن ابداعي تستوجبه تطورات ثورة الاتصال التي اجتاحتنا من فوقنا ومن تحت ارجلنا
واتمنى من له صله بالصحافة ان يقتنص هذه الثروة الاعلامية والدرة الصحفية كي تستفيد منها الاجيال
لا يسعني في النهاية الا ان اقول:الله يعطيك الف عافية وعافية
¥