تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[في العلاقة بين النسق الإعلامي و النسق السياسي]

ـ[ذ. مصطفى بادوي]ــــــــ[30 - 03 - 2010, 04:35 ص]ـ

علاقة النسق الإعلامي بالمنظومة السياسية.

إن الحديث عن الخطاب السياسي في جانبه التداولي يستدعي تناول الدور الذي

يضطلع به النسق الإعلامي كمكون أساسي في سيرورة التواصل السياسي

اعتبارا لما يسمح به هذا النسق من إم كانات للتبليغ تؤمن أسباب الانتشار الواسع

للرسائل السياسية بين الطبقة الحاكمة والمواطن. ولعل السؤال المركزي الذي يستأثر

بالاهتمام في هذا الباب ينحصر في قياس مدى قدرة المنظومة الإعلامية على القيام

بدورها التواصلي المأمول في المجال السياسي. بصيغة أخرى، هل تم لك هذه

المنظومة المقومات الكفيلة بتحويلها إلى سلطة بينية (بين سلطة السياسي وسلطة

المواطن) تطرح بنوع من التجرد كل المواقف والاتجاهات المتعايشة داخل المجال

العام.؟

يتعلق الأمر إذن ببحث أوجه الاستقلالية المتاحة للمشهد الإعلامي عن قوى الضغط

السياسية المؤثرة في أدائه. وقد انصرف بعض الباحثين إلى تفسير هذه الاستقلالية

بكونها آلية إستراتيجية لتطوير مردودية النسق الإعلامي، تقوم على إحلال الاعتبارات

المهنية الصرفة فوق كل الحسابات البر اغماتية الضيقة التي ترجح امتياز فئة على أخرى. ويأتي مطمح السعي من أجل خدمة المواط ن بواسطة إعلام نزيه ومسئول على

رأس هذ ه الاعتبارات والمبادئ. وبهذا المعنى، فحتى الإعلام السياسي الحزبي يمكنه

أن ينعت بالمستقل إذا ما ابتعد عن المزايدات الديماغوجية ولم يراهن على التعتيم

والمغالطة، وتعامل مع الأحداث وما ينتج عنها من مواقف بنزاهة فكرية تامة وعلى

العموم، فقد شكل مطمح الاستقلالية باستمرار واجهة أساسية في صراع السلطتين

الإعلامية والسياسية نتيجة لتنازعهما المتبادل حول مشروعية تمثيل المواطن وتنويره

وحفظ مصالحه. الأمر الذي أنتج عبر التاريخ مقاومة إعلامية ممنهجة لكل صيغ

التدجين والتطويع التي تروم تحويل الإعلام إلى مجرد بوق لصوت النخبة السياسية

وملمع لصورتها.

ويمكن القول إن الحقل الإعلامي يحتضن نماذج محددة من أنماط العلاقات مع المنظومة السياسية قد تجمع بين العداء و الخصومة و الاعتماد و التكيف و التبادل في مستوى ثالث، بحيث يوفر أرضية خصبة لتعايشها مجتمعة بحسب طبيعة الرسالة المهنية التي يضطلع

الإعلامي بممارستها؛ حيث تتدخل اختياراته المبدئية وضميره الأخلاقي في ضبط

صورة العلاقة التي تجمعه بالطبقة السياسية، وتنسجم مع نوعية انشغالاته ومصالحه.

ومن جهة أخرى، فإن الضغوط السياسية التي تفرضها السلطة الحاكمة على العاملين في

قطاع الإعلام فضلا عن الضغوطات المجتمعية والعوامل المهنية، تباشر بدورها تأثيرا

واضحا في تعيين أشكال هذه العلاقة والتحكم في أبعادها ومستويات امتدادها.

إن قراءة سريعة في مكونات النسق الإعلامي المغربي تسمح لنا بالكشف عن محددات

الارتباط المتجذر الذي يقيمه مع المؤسسة السياسية، بحيث ينشطر هذا النسق إلى كلمتين

عامتين غير متجانستين. فهناك من جهة، الإعلام العمومي الرسمي الذي يكتسح

الفضاء السمعي البصري ومن جهة أخرى، نجد إعلاما حزبيا ومعه الصحافة المستقلة

في أغلبه لم تمارس الدولة بصدده أي تدبير تنظيمي للتمتع بأي احتكار يضمن سيادتها

العموم، فإن المنظومة الإعلامية سواء تعلق الأمر بالصحافة المكتوبة أو

الصحافة السمعية البصرية، التحمت بالعمل السياسي منذ بدايات نشأتها الأولى، حيث

أمكن لنا أن نعاين تعالقا متجذرا بينهما جعل السياسي المغربي مرتهنا في وجوده

وصيغ تداوله بوجود منبر إعلامي يعبر عنه ويهيئ الأرضية المناسبة لانتشاره.

الصحافة المكتوبة:

تنشأ الصحافة المكتوبة في أكثر ما جغرافيا دائما و تبرز كأداة للعمل

السياسي في أحضان الحركات الوطنية؛ حيث أن جل الزعماء السياسيين يمارسون إلى

جانب نشاطهم النضالي الكتابة الصحفية. ويكفي الاطلاع على أسماء الصحف الصادرة

عن الأحزاب إبان فترات الاستعمار لإبراز مدى ارتباطها العضوي بالعمل السياسي.

وتجذر هذا الارتباط بالفعل السياسي منذ نشأة الممارسة الصحفية إذ تشكل

الصحف باستمرار حلقة ربط وتأطيرا سياسيا منتظما لمناضلي الحزب من جهة،

ووسيلة تكاد تكون الوحيدة في الكثير من الأحيان لإسماع موقفه للمنافسين السياسيين

الآخرين ومؤسسات الدولة من جهة أخرى. و رغم هذا لم تغير الصحافة المكتوبة راهنا من أساليب مقارباتها رغم

تحديات المنافسة التي فرضتها صحف جديدة منذ تنشأ بعد الاستقرار السياسي في دولة ما؟؟ محافظة بذلك على انصهار

قيادة الحزب بإرادة الصحيفة حيث نجد السياسي في الغالب مديرا للصحيفة و عضوا في قيادة

الحزب إن لم يكن كاتبه الأول أو رئيسه.

****************************************

السطور مقتطفة من بحث سوسيولوجي

للباحث بادوي مصطفى.

عنوان الدارسة: الاعلام و السياسة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير