تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ودافع في (البصائر) عن اللغة العربية دفاعاً حاراً: "اللغة العربية في القطر الجزائري ليست غريبة، ولا دخيلة، بل هي في دارها وبين حماتها وأنصارها، وهي ممتدة الجذور مع الماضي مشتدة الأواصر مع الحاضر، طويلة الأفنان في المستقبل"اهتمت (البصائر) بالدفاع عن قضية فلسطين؛ فكتب فيها الإبراهيمي مقالات رائعة.

عاش الإبراهيمى حتى استقلت الجزائر، وأمّ المصلين في مسجد كتشاوة الذي كان قد حُوّل إلى كنيسة، ولكنه لم يكن راضياً عن الاتجاه الذي بدأت تتجه إليه الدولة بعد الاستقلال؛ فأصدر عام 1964 بياناً ذكر فيه: "إن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تنبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية لا من مذاهب أجنبية"

كان - أيضاً - متميزاً بثقافة عصرية عالية.

يقول ابنه الدكتور أحمد: ((سألني في إحدى ليالي عام 1948م وأنا بقسم الفلسفة في خاتمة تعليمي الثانوي عن آخر درس تلقيته في علم النفس، فاخذ رأس الموضوع، وشرح لي آراء (وليم جامس) أحد مؤسسي المذهب العملي (البراجماتي)، وتحدث عن كثير من مفكري الغرب ممن لم أكن أسمع بهم قبل ذلك اليوم مثل: داروين، وجون لوك، وجون ستيوارات، كما أوضح لي مساهمة العلماء المسلمين في كثير من الجوانب))

وكان رحمه الله عضوا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة.

أما عن مؤلفاته فهاهو يذكرها بنفسه ضمن مقال: خلاصة حياتي العلمية والعملية، الآثار 5/ 288، والتي فقد كثير منها للأسف أثناء الثورة، وما بقي منها جمعه ابنه د. أحمد طالب الإبراهيمي:

لم يتسع وقتي للتأليف والكتابة مع هذه الجهود التي تأكل الأعمار أكلا، ولكنني أتسلى بأنني ألفت للشعب رجالا، وعملت لتحرير عقوله تمهيدا لتحرير أجساده، وصححت له دينه ولغته فأصبح مسلما عربيا، وصححت له موازين إدراكه فأصبح إنسانا أبيا، وحسبي هذا مقربا من رضى الرب ورضى الشعب. ومع ذلك، فقد ساهمت بالكتابة في موضوعات مفيدة، ولكن لم يساعدني الفراغ ولا وجود المطابع على طبعها، وقد بقيت كلها مسودات في مكتبتي بالجزائر.

فمن أجل ما كتبت:

1 - عيون البصائر: وهي من المقالات التي كتبتها بقلمي في جريدة "البصائر" في سلسلتها الثانية.

2 - كتاب بقايا فصيح العربية في اللهجة العامية بالجزائر، (والتزمت فيها اللهجة السائدة اليوم في مواطن هلال بن عامر).

3 - كتاب النقايات والنفايات في لغة العرب: جمعت فيه كل ما جاء على وزن فعالة (من مختار الشيء أو مرذوله).

4 - كتاب أسرار الضمائر في العربية.

5 - كتاب التسمية بالمصدر.

6 - كتاب الصفات التي جاءت على وزن فعَل، بفتح العين.

7 - كتاب نظام العربية في موازين كلماتها.

8 - كتاب الاطراد والشذوذ في العربية: (رسالة في الفرق بين لفظ المطرد والكثير عند ابن مالك).

9 - كتاب ما أخلت به كتب الأمثال من الأمثال السائرة.

10 - رسالة في ترجيح أن الأصل في بناء الكلمات العربية ثلاثة أحرف لا اثنان.

11 - رواية: كاهنة الأوراس، بأسلوب مبتكر يجمع بين الحقيقة والخيال.

12 - رسالة في مخارج الحروف وصفاتها بين العربية الفصيحة والعامية.

13 - كتاب حكمة مشروعية الزكاة في الإسلام: بدأت فيه من أيام إقامتي في دمشق بعد الحرب العالمية الأولى، وأتممته بعد ذلك في فترات، وبحثت فيه ينابيع المال في الإسلام، واستخردت منه ينابيع أخرى غير منصوصة يلتجئ إليها جماعات المسلمين إذا حزبهم أمر، أو فاجأتهم حادثة.

14 - كتاب شعب الإيمان: جمعت فيه الأخلاق والفضائل الإسلامية.

وهناك محاضرات وأبحاث كتبها عني التلامذة في حين إلقائها، وهناك فتاوى متناثرة.

ثم قال رحمه الله:

أعظم ما دونت: ملحمة رجزية نظمتها في السنين التي كنت فيها مُبْعَدًا في الصحراء الوهرانية، وهي تبلغ ستة وثلاثين ألف بيت من الرجز السلس اللزومي في كل بيت منه، وقد تضمنت فنونا من المواضيع: تاريخ الإسلام ووصف كثير من الفرق التي حدثت في عصرنا هذا، وللمجتمع الجزائري بجميع فِرقه ونِحله، ولأفانين في الهزل للمذاهب الاجتماعية والفكرية والسياسية المستجدة، والإنحاء على الابتداع في الدين، وتصوير لأولياء الشيطان، ومحاورات أدبية رائعة بينهم وبين الشيطان، ووصف للاستعنار ومكائده ودسائسه وحِيله وتخديراته للشعوب للقضاء على مقوماتها.

وللأسف الشديد فقدت هذه الملحمة فيما فقد من آثاره فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ومن مؤلفاته القيمة الموجودة ضمن الآثار:

- رواية الثلاثة، أرجوزة هزلية

- رسالة الضب

كتبهما في منفاه بآفلو إبان الحرب العالمية الثانية.

وقد طبعت مجموعة من مؤلفات "البشير" في خمسة مجلدات تحت عنوان "آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي"، جمع د. أحمد طالب الإبراهيمي، وأصدرته دار الغرب الإسلامي.

تُوفي يوم الخميس في 18 من المحرم 1385 هـ الموافق العشرين من أيار/ مايو عام 1965 عن عمر بلغ 76 سنة بعد أن عاش حياة كلها كفاح لإعادة المسلمين إلى دينهم القويم؛ فجزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.

ومما كتب عنه، مقال للأستاذ بهجت البيطار، نشرته مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، أفريل 1966م، جاء فيه:

" نعت إلينا الأنباء في 24 أيار (أفريل) 1965م العالم الكبير والكاتب الشهير: الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رئيس جمعية العلماء في الجزائر، تغمده الله برحمته ورضوانه:

" إنا كنا في مدرسة تجهيز دمشق جد مغتبطين بدروس الأستاذ الإبراهيمي، التي كانت بعذوبة أسلوبها كالماء الزلال، بل السحر الحلال، كان الأستاذ يملي علينا القصائد الطوال لأرقى الشعراء في العصور الذهبية، ويشرحها شرحا لغويا وأدبيا وافيين، فكنا إذا رجعنا إلى دواوين الشعراء وشروحها، أخذنا العجب من صحة الرواية للأستاذ ودرايته، وتحقيقه العلمي والأدبي، وكنا نشعر أننا أمام دائرة معارف حوت من كل شيء أعلاه وأحلاه".

رحم الله الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي وجزاه الفردوس الأعلى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير