تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الشيخ عبدالغني الدقر]

ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[10 - 05 - 2006, 12:55 م]ـ

[الشيخ عبدالغني الدقر]

تمهيد:

هو علامة الشام، ومن بقايا الفصاح، عالم شرعي، وأديب لغوي، ونحوي صرفي، ومحقق باحث، وهو داعية إلى الله على بصيرة، وبحكمة وهدوء، عرف زمانه، واستقامت طريقته، فكان قدوة لمن عرفه من تلاميذه الكثر، ومن سائر طبقات الشعب وفئاته، من العلماء، والمثقفين، والتجار وطلبة الجامعات وأساتذتها الذين تتلمذوا على يديه، وما زالوا كذلك حتى وفاته.

وأجدني أقول: بادئ ذي بدء، لو أن دولة تبنته، أو حزباً احتضنه وروج له لذاع صيته، واشتهر أمره، ولولا كبرياء العلم وعفة النفس، والتسامي على ما يتنافس عليه علماء الدنيا – لا الدين – لكان له شأن وأي شأن في عالم الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى.

بطاقة شخصية:

ولد الشيخ عبدالغني في دمشق عام 1335هـ - 1916م في أسرة دمشقية عريقة، لأب عالم عامل جليل، كان الأشهر بين العلماء الوعاظ في عصره، هو الشيخ علي الدقر، صاحب أكبر نهضة علمية ليس في بلاد الشام وحدها، بل في العالم العربي كله، وأكثر علماء الدين في دمشق، وحوران، والأردن، وبعض المدن السورية الأخرى هم من تلاميذه ومن خريجي معاهده ومدارسه الشرعية التابعة لجمعيته التي أسسها عام 1343هـ - 1924م باسم (الجمعية الغراء لتعليم أبناء الفقراء) وقد تخرج فيها آلاف الطلبة الذين كان منهم العلماء والأدباء، والفقهاء، والخطباء، والقضاة، والوزراء، وأساتذة الجامعات، ولعلي أقدم حلقة عن هذه الجمعية وشيخها العالم الرباني المربي المجاهد الداعي إلى العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي قضى على كثير من الخرافات والبدع التي كانت تسود المجتمعات الإسلامية عامة، والصوفية خاصة، كان وقافاً عند حدود الشرع الحنيف لا يتعداه، ولا يسمح لأحد أن يتعداه.

أما أمه، فكانت امرأة صالحة، ولكنها ما لبثت أن رحلت عن هذه الحياة وهو في الثالثة من عمره فعاش كسير القلب بعد أن فقد حنان الأم الذي لا يعوضه أي حنان آخر، وكان شيخنا الولد الثاني للشيخ علي.

تعليمه:

بدأ طلبة للعلم في (الكتاب) أولاً، ثم انتقل إلى مكتب المقرئ الشيخ عزو العرقسوسي، وأتقن قراءة القرآن الكريم على يديه، ثم انتقل إلى المدرسة التجارية، وأمضى فيها ست سنوات وحفظ الكثير من المتون التعليمية في الفقه والنحو، وكان فيها من المبرزين المتفوقين، الأمر الذي حدا بمدير المدرسة إلى تعيينه معلماً فيها، ولم يزل فتى يافعاً.

وفي الثانية عشرة من عمره المبارك، انتقل إلى حلقات أبيه في جامع السادات، وجامع السنانية، والمدرسة السيبائية، وتلقى فيها العلوم الشرعية، وعلوم اللغة العربية من نحو، وصرف، وبلاغة، وعروض، وفقه، وحديث، وتفسير وأصول.

ثم أقبل على التهام هذه العلوم بجد وأضاف إليها كتب اللغة والأدب، فدرس كتاب الكامل للمبرد، والأمالي لأبي علي القالي، وكتب الجاحظ والمزهر في علوم اللغة للسيوطي، ثم عرج على كتب الأدب الحديث فقرأ للمنفلوطي، والزيات، والعقاد، وأفاد من بعض الأدباء، اللغويين في دمشق، كالأستاذين: التنوخي، والنكدي مع أن أباه كان له رأي في كتب الأدب، وخاصة الحديث منه، فكان ينهى أولاده وتلاميذه عنها، لما يرى فيها من انحراف وإضاعة وقت، ولهذا عندما علم أن ولده عبدالغني يقرأ (النظرات) وسواها للمنفلوطي زجره وكان يغضب عليه، ولكن غرام الفتى عبدالغني بالأدب وكتبه قد بلغ منه مبلغ العشق، حتى إنه قرأ (الكامل) على الأستاذ عز الدين التوخي ثم قرأه مع الشيخ حسن حبنكة، ثم حفظه مع شروحه وشواهده، وكانت شواهده حاضرة في ذهنه، يستشهد بما في كتاباته ومجالسه العلمية، وفي تدريسه لطلابه الكثر.

وقرأ (أمالي) القالي على العلامة اللغوي الكبير الشيخ عبد القادر المغربي، وقرأ المعلقات وشروحها وسواها من أمات الكتب التي تتحدث عن الأدب الجاهلي، والإسلامي والعباسي، وحفظ الكثير منها ومن شواهدها ونوادرها وطرائفها، فكان مكتبة تمشي على قدمين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير