تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حسن حسني عبد الوهاب .. نهضوي زيتوني]

ـ[فياض علي]ــــــــ[14 - 05 - 2010, 03:23 م]ـ

[حسن حسني عبد الوهاب .. نهضوي زيتوني]

(في ذكرى وفاته: 18 من شعبان 1388هـ)

أحمد تمام رحمه الله

صحن جامع الزيتونة .. والمئذنة الحسينية

حين وقعت تونس تحت الاحتلال الفرنسي في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وضع المحتلون مناهج للتعليم لا تستمد عناصرها من مكونات الأمة الثقافية، وجعلوا الفرنسية لغة التعليم وأداة المعارف العامة، وأبقوا على العربية لا لتربط المتعلم بماضيه الحافل وتوثق علاقته بثقافته العريقة، وإنما لتمد "المثقف الفرنسي" ببضاعة من العربية يصلح بها لأن يعمل في إدارة الدولة والوظائف العامة، ولولا أن جامع الزيتونة كان قائما على الثقافة العربية والعلوم الشرعية فلربما نجح هذا المخطط الخبيث نجاحا عظيما في قطع صلة التونسيين بتاريخهم ولغتهم. وفي الوقت نفسه قام عدد من رجالات الفكر في تونس بمقاومة هذا المخطط، وكان حسن حسني عبد الوهاب واحدا من هؤلاء.

المولد والنشأة

ولد حسن حسني عبد الوهاب في تونس في (شعبان 1301هـ = يوليو 1884م) بعد احتلال فرنسا لتونس بنحو ثلاثة أعوام، فنشأ في بلد مبتور السيادة، خاضع لدولة أجنبية تتولى إدارة شئونه وتسعى بكل وسائل القهر والإغراء إلى إدماجه في القومية الفرنسية، لسانا وثقافة وحضارة.

وكانت أسرته من أسر تونس العريقة التي كان لها شأن في الأدب والسياسة؛ فأبوه كان متخرجا في الزيتونة، وتعلم الفرنسية حتى أجادها وتولى وظائف مرموقة بالدولة، وقد عني والده به عناية فائقة، وحرص على تنشئته نشأة إسلامية عربية. ولما انتقل أبوه إلى ولاية المهدية وتولى أمرهاألحقه بأحد الكتاتيب فحفظ شيئا من القرآن ثم التحق بالمدرسة الابتدائية حيث حفظ الربع الأخير من القرآن، ودرس شيئا من علوم اللغة والدين، ثم انتقل إلى تونس بعد رجوع والده إليها، فأتم دراسته في مدرسة فرنسية، ونال الشهادة الابتدائية سنة (1317هـ = 1899م).

ثم التحق بالتعليم الثانوي بالمدرسة الصادقية التي تأسست قبل الاحتلال الفرنسي وكانت منارة للعلم بعد جامع الزيتونة في تونس، وعنيت بتعليم اللغة والأدب على يد نخبة من شيوخ الزيتونة، وبتعليم الفرنسية وجملة من العلوم والفنون الحديثة، وكان يمكن للمتخرجين في هذه المدرسة الالتحاق بالجامعات الفرنسية، وكان حسن عبد الوهاب يتردد على جامع الزيتونة ويتصل بشيوخه الأعلام، ويتخذ منهم قادة له وروادا، وتردد على خزائن الكتب به، يطالع فيها نفائس المخطوطات في اللغة العربية وآدابها، والتاريخ الإسلامي وحضارته.

ولما أتم دراسته الثانوية سافر إلى فرنسا، والتحق بمدرسة العلوم السياسية بباريس، حيث توسع في دراسة القانون والسياسة والاقتصاد، ثم شاءت الأقدار ألا يستمر في دراسته، فعاد بعد عامين إلى وطنه سنة (1323هـ = 1904م)؛ نظرا لوفاة والده.

الوظائف الإدارية

وبعد عودته إلى تونس انخرط في العمل الإداري، فالتحق أولا بإدارة الفلاحة والتجارة سنة (1324هـ = 1905م)، ثم انتقل بعد أربع سنوات رئيسا لإدارة الغابات بالشمال التونسي، ثم انتقل إلى الإدارة الاقتصادية التي تُعنى بشئون المال والتجارة، ثم عين في سنة (1340هـ = 1920م) رئيسا لإدارة المحفوظات التونسية فأحسن تنظيمها وتنسيقها، ووضع لها النظم التي يسرت عملها وفهرسة محتوياتها، وقد استفاد من عمله في هذه الإدارة التي كانت من محاسن مؤسسات الوزير المصلح "خير الدين التونسي"، وجعلته يقف على التاريخ التونسي منذ الفتح التركي حتى وقت نهوضه بعمله.

ثم بدأ في تولي شئون الولايات التونسية منذ سنة (1345هـ = 1925م)، فتولى ولاية المثاليث والمهدية والوطن القبلي، وقضى في ذلك نحو خمس عشرة سنة، قام خلالها بخدمة تلك الولايات ثقافيا وعمرانيا، فأسس المدارس والمكتبات، وعبّد الطرق، وزود القرى بوسائل الإضاءة ومياه الشرب الصالحة، وكان يلقي محاضرات ثقافية في تلك الولايات، ويدخل في حوار مع أهاليها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير