كان الشيخ رفاعة الطهطاوي رائداً للنهضة الحديثة ورائداً للتنوير ولم يكتف شيخنا الجليل بقراءة ما يقع تحت يده من مؤلفات المفكرين الاجتماعيين بل إنه إلى جانب انشغاله بالقراءة والترجمة قد استطاع ملاحظة دقائق الحياة الاجتماعية من حوله وتغلغل في صميم الحياة الفرنسية من جميع نواحيها السياسية والاجتماعية. وتم نفيه إلى السودان في عهد الخديوي عباس وعاد منها في عهد سعيد.
رده على الغربيين:
يرد رفاعة الطهطاوي في كتابه (تخليص الإبريز) على مقولة الغربيين بأنهم أساتذتنا في سائر العلوم يقول: (إننا كنا في زمن الخلفاء العباسيين أكمل سائر البلاد تمدناً ورفاهية، وتربية زاهرة زاهية، وسبب ذلك أن الخلفاء كانوا يعينون العلماء وأرباب الفنون ..... وغيرهم، على أن منهم من كان يشتغل بها نفسه، فانظر إلى المأمون بن هارون الرشيد فإنه كان يشغل بنفسه بتعلم الفلك وقد حرر ميل دائرة فلك البروج على دائرة الاستواء فوجد ثلاثاً وعشرين درجة وخمساً وثلاثين دقيقة ميلاً).
وقد رأى الطهطاوي أن القيمة العليا في الحضارة العربية والإسلامية تكمن في العدالة.
فالطهطاوي مغترباً وليس مستغرباً، فقد اغترب ولم يتغرب، اغترب فذهب إلى فرنسا ولكنه لم يغترب عن وطنه مصر، فلم تمح شخصيته تحت وطأة الحضارة الأوربية بل حافظ على أصالته العربية.
وإنه صاحب فكر رابح في ديننا وتراثنا ثم هو مفكر متفتح قبل ما لدى الآخرين ويفهمه بعمق ولا يستعلى عليه بالانغلاق ولا يتهافت أمامه بالدونية،إنما يتحسس منه الحس ويستأصل منه القبيح. إن فكر رفاعة يضع أساساً حقيقياً لنهضة المجتمع العربي الإسلامي ويقوم على ثلاثة أعمدة هي:
1ـ الإيمان بالله والاستمساك بديننا.
2ـ إعلان شأن العلم وإنه هو السبب المتين للتقدم.
3ـ الحرية.
(مصطفى محمود / حوار مع د. محمد رفاعة، صـ 19 الأربعاء 28 صفر 1424هـ،10 أبريل 2003 م، السنة 36، العدد 12369، السياسة، الكويت)
المرأة عند الطهطاوي
المرأة في فكر رفاعة الطهطاوي كما يقول د. محمد رفاعة: حاضنة الحضارة ومستودع فضائل الأمة. وكان رفاعة يقول: إن مقياس تمدن الأمم هو درجة احترامها للمرأة، فكلما كانت الأمة متقدمة زاد احترامها للمرأة والعكس بالعكس، ونادى بأهمية تعلم المرأة في كتابه (المرشد الأمين لتعليم البنات والبنين).
وقد أصدر الشيخ رفاعة الطهطاوي المطبوعات الآتية:
1ـ القول السديد في الاجتهاد والتجديد
2ـ البدع المتقررة في الشيع المتبررة.
3ـ متن الأجرومية.
4ـ التحفة الملكدية لتعريب اللغة العربية.
5ـ منظوم في مصطلح الحديث.
6ـ نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز.
7ـ تلخيص الإبريز في تلخيص باريز
8ـ مناهج الألباب المصرية في مناهج الآداب المصرية.
9ـ المرشد الأمين للبنات والبنين. (أصدرها المجلس الأعلى للثقافة الطبعة الأولى بنفس شكله سنة 1289هـ، 1877م، وهو من تقديم الدكتور / عماد بدر الدين أبو غازي).
11ـ الكواكب المنيرة في ليال افراج العزيز المقمرة.
11ـ التعريفات الشافية لمريد الجغرافيا.
12ـ قلائد المفاخر في غريب الأوائل والآواخر.
13ـ من كتاب مباديء الهندسة.
14ـ القانون الفرنساوي المدني.
15ـ نظم العقود في كسر العود.
16ـ مواقع أملاك في وقائع تليماك.
17 ـ ترجم السيرة الذاتية للأسكندر الأكبر.
18ـ ترجم بعض كتب ملثبيرون في الجغرافيا.
19ـ ترجم دستور فرنسا.
20 ـ كتاب (الديوان النفيس في إيوان باريس) وهو سيرة ذاتية لرفاعة، وقد صدر ضمن سلسلة كتب عن أدب الرحلات والنصوص العربية المجهولة، عن دار السويدي للنشر في أبي ظبي بالتعاون مع المؤسس العربية للدراسات والنشر.
لقد كان رفاعة الطهطاوي رائداً للنهضة العلمية والأدبية الحديثة مثالاً حياً للطالب النابغة الذي لم يدخر وسعاً في تحصيل العلوم والفنون والآداب فأصبح في قمة النابهين وكان نموذجاً كاملاً للمواطن الصالح الذي عمل جاهداً لنفع بلاده ونقل المعرفة ووسائل النهضة والحضارة إليها عن طريق التأليف والترجمة وأنشأ مدرسة الألسن بمصر، وكان مقر مدرسة الألسن بسراي الدفتردار، بحي الأزبكية، وكانت تسمى أول إنشائها سنة 1835 من الميلاد مدرسة المترجمين، ثم صارت مدرسة الألسن، وكان الغرض من إنشائها تخريج مترجمين لمصالح الحكومة ثم
¥