- ومع كثرة أسفاره، وإقاماته العديدة المديدة في بلدان عربية مختلفة، واستقراره، واستئناسه بالاغتراب، حتى لكأنه من أبناء البلد الذي يقيم فيه، يجده من يعرفه مرتبطا بالوطن الصغير، مشغولا بالآتي منه مع مسافر قادم، أو نبأ شارد، أو هاتفٍ واصل ٍ، أو مارّ عابر، أو بريد مكتوب ...
- ومن هنا يسمع منه أصحابه في اغترابه، منذ أن عرف الاغتراب الرغبة العاجلة في الاستقرار، في الدار مع المكتبة والكتاب، ومع الأصحاب والأحباب، ثم تغلب على آرائه الطامحة، وقائع الحياة المماثلة ...
- وأبو زاهر، يبدو على سمته الهدوء والسَّكينة، ومن مظاهره العامة الانتباه، وتلقي الرأي والحجة، ولكنه، وإن بدا عليه هذا القدر الكبير من الصبر، يمكن في لحظة أن يظهر عليه وجه العملة الآخر من حدّة الانفعال، إذا نفذ الصبر منه، أو غضب للوجْهِ الذي يراه صوابا، وهو مع هذا يبقى في إطار الوقار، وفي تماسك الشخصية.
- والدكتور مازن المبارك ممّن يعتد بالرأي، ويدافع عن الفكرة، ويعجبه أن يكون في ظلال الخصوصية، وقد تعود أن يبني رأيه أو يقيم فكرته بعد دراسة وأناة، ومن هنا كان التصلب المعهود منه في الرأي، والفكرة، والموقف.
ولكن الجانب الآخر، هو أنه – مع هذه الصلابة التي تبدو جاسية أحيانا- قادر على أن يأخذ بالحق إذا اتضح له الوجه فيه، أو كانت حجة الطرف الآخر، حُجةً بيّنة.
يتنازل عن الرأي الخاص، وإن كان عزيزا عنده، ليأخذ بالصواب، أو الحق، وقد اتضحت معالمه.
وأسلوبه في الدفاع عن الرأي، والأخذ بالرأي الآخر، يدخل في ملامح الشخصية: القائمة على الوضوح، والصراحة، والسلامة في الموقف.
وفي مظاهر شخصية الدكتور مازن المبارك، التي تمتزج فيها الخصال والخصائص، والمعلومات والمعارف، والخواطر والنوازع:
- حُسن المحاضرة.
- وحُسن المحاورة.
- وحُسن المذاكرة.
أما حُسن المحاضرة، فيتجلى في لقائه مع طلابه، ومع مستمعي أحاديثه وبحوثه.
وإذا كان المشهور عن معلمي النحو جفاف العبارة وبعدها عن الطلاوة، وقربها من لغة أهل الرياضيات أصحاب الأعداد والأرقام، فإن عبارة الدكتور مبارك عبارة حسنة، وأسلوبه أسلوب صريح، ثم إن له قدرة على إيضاح المُرَاد بالعبارة القاصدة، والكلام القليل ...
وأما حُسن المحاورة، فيبدو لزملائه في الاجتماعات الأكاديمية وفي الندوات العلمية، واللقاءات الإعلامية، فإنه يقدم الحجة ويدلل عليها، ويحاور الطرف الآخر بأناة وصبر وقدرة على الهجوم، في الوقت المناسب، حين تكون الخاتمة حاسمة.
وأما حُسن المذاكرة، فيبدو في لقاءاته العامة، في أوقات الجد والهزل، والمزاح والمباسطة، ويبدو في لقاءاته الخاصة، في قضايا العلم والثقافة، وفي قضايا المجتمع والحياة ...
ويَتبع هذا قدرة على الاستماع، وصبر على الطرف الآخر، ولكنه الصبر (الذي له حدود)، كما يقولون ...
جوانب الدكتور مازن المبارك متعددة، وهو في كل جانب يبدو، وكأنه مختص به، لا يكاد يجاوزه إلى غيره؛
o فقد كان - وما يزال – معلماً ناجحاً، له أسلوبه الخاص، في التدريس والتعليم، وإيصال الفكرة، وتقديم المعلومات.
o وهو مؤلف ناجح، يتقن التأليف الجامعي، الذي يتوجه به كاتبه إلى القارئ المختص، ليوصل إليه المعلومة، ويختصر له الطريق.
o وهو باحث جاد، وقد شغلته قضايا اللغة العربية في مراحلها المختلفة، وركّز اهتمامه على التعليم الجامعي، وكانت له مشاركة مهمة في تعليم اللغة العربية، لغير الناطقين بها ...
o وهو مربٍّ مسؤول، ومن هنا نجد في محاضراته، ومحاوراته، وبحوثه، وتواليفه ملامح:
- الأب الذي يرعى أولاده.
- والعالم الحريص على إيصال المعلومة إلى أصحابها
- والمعلم الذي يحمل مسؤولية تواصل الأجيال.
- والمحنك المجرّب الذي عركته الأيام والليالي.
وإذا لخصنا منهجه في تعليمه، وتأليفه، ومحاضرته، ومذاكرته، قلنا:
إنه يسعى دائما للأخذ بأيدي طلابه، ومريديه:
من شقّ طريق العلم
إلى شق طريق الحياة
سيرة
الأستاذ الدكتور عبد القادر المبارك (ولد في دمشق سنة 1930م)
(سوري الجنسية)
1 - المؤهلات العلمية:
- الإجازة في الآداب (الليسانس) من جامعة دمشق م.
- أهلية التعليم الثانوي من المعهد العالي للمعلين بدمشق 1952 م.
¥