تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد تخرّج من الزيتونة طوال مسيرتها آلاف العلماء والمصلحين الذين عملوا على اصلاح أمّة الاسلام والنهوض بها. اذ لم تكتف جامعة الزيتونة بأن تكون منارة تشع بعلمها وفكرها في العالم وتساهم في مسيرة الابداع والتقدم وتقوم على العلم الصحيح والمعرفة الحقة والقيم الاسلامية السمحة، وإنما كانت إلى ذلك قاعدة للتحرّر والتحرير من خلال إعداد الزعامات الوطنية وترسيخ الوعي بالهوية العربية الاسلامية. ففيها تخرج المؤرخ ابن خلدون وابن عرفة وإبراهيم الرياحي وسالم بوحاجب ومحمد النخلي ومحمد الطاهر ابن عاشور صاحب تفسير التحرير والتنوير، ومحمد الخضر حسين شيخ جامع الأزهر ومحمد العزيز جعيط والمصلح الزعيم عبد العزيز الثعالبي وشاعر تونس أبو القاسم الشابي صاحب ديوان (أغاني الحياة) والطاهر الحداد صاحب كتاب (امرأتنا في الشريعة والمجتمع)، وغيرهم كثير من النخب التونسية والمغاربية والعربية.

لقد تجاوز إشعاع جامعة الزيتونة حدود تونس ليصل الى سائر الاقطار الاسلامية ولعلّ المفكر العربي الكبير شكيب ارسلان يوجز دور الزيتونة عندما اعتبره الى جانب الأزهر والأموي والقرويين أكبر حصن للغة العربية والشريعة الاسلامية في القرون الأخيرة.

لقد مرّت الآن أكثر من1300 سنة على قيام جامع الزيتونة، ويروى أن هذا الاسم قد أطلق عليه بسبب تشييده فوق أرض كانت بها شجرة زيتون فريدة وهكذا يلتقي بيت من بيوت الله بشجرة باركها الله في كتابه العزيز.

ومنذ بنائه شهد جامع الزيتونة تحسينات وتوسعات وترميمات مختلفة بدءا من العهد الأغلبي وصولا إلى عهد التغيير بقيادة الرئيس زين العابدين بن علي، ومرورا بالحفصيين والمراديين والحسينيين، وهم آخر ملوك تونس قبل إقرار النظام الجمهوري عام 1957. لذلك حافظ هذا الجامع باستمرار على رونقه ليبقى في قلب كل المناسبات والاحتفالات الدينية التي تعيشها العاصمة وليقوم شاهدا على تأصل تونس في إسلامها منذ قرون وقرون. ومع دوره كمكان للصلاة والعبادة كان جامع الزيتونة منذ السنوات الأولى

لتأسيسه منارة للعلم والتعليم على غرار المساجد الكبرى في مختلف أصقاع العالم الإسلامي، حيث تلتئم حلقات الدرس حول الأيمة والمشائخ للاستزادة من علوم الدين ومقاصد الشريعة.

وبمرور الزمن أخذ التدريس في جامع الزيتونة يتخذ شكلا نظاميا حتى غدا في القرن الثامن للهجرة (عصر ابن خلدون) بمثابة المؤسسة الجامعية التي لها قوانينها ونواميسها وعاداتها وتقاليدها ومناهجها وإجازاتها، وتشدّ إليها الرحال من مختلف أنحاء المغرب العربي طلبا للعلم أو للاستزادة منه. وقد تتالت إصلاحات التعليم الزيتوني في العهد الحسيني مع الوزير خير الدين باشا خاصة ثم بمبادرة من بعض العلماء والطلبة خلال فترة الاستعمار الفرنسي (من 1881 إلى 1956) حيث أجريت محاولات لتحديثه من خلال ادخال بعض العلوم الصحيحة في مناهجه.

جامع الزيتونة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير