تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>


(39)

ب ـ إنّ صومكم أيها المسلمون، عبارة عن أيام معدودات، وفيه المتقبل غير المتقبل، وفيه الخالص وفيه المشوّب، وفيه الامتناع عما يسخط الله، والله عزّ وجلّ يريد لهذه الأيام أن تكون متتابعة في القبول، ومتاوقة بالرضا، فيوم صومكم يوم تصومون واقعاً بشرط الصيام وشروطه، صيام الجوارح والأعضاء والأجهزة كافة، عن النظر المحرم والغيبة والنميمة والكذب والسعي في غير طاعة الله مضافاً إليه الأكل والشرب من الفجر إلى الغسق، فيكون حينئذٍ خالصاً لله دون رياء أو دجل أو جهل أو إغماض، وإن فطركم يوم تفطرون، مغفوراً ذنوبكم، ومتجاوزاً عن سيئاتكم، ومقبولاً ما مضى من صيامكم، ومباركاً عليكم في الأجر والثواب والإنابة وإن لم يتحقق ذلك فليس لكم يوم فطر بالمعنى الدقيق وإن فطرتم، لأن يوم تفطرون هو ذلك اليوم الذي يكون للمسلمين عيداً ولمحمدٍ وآله ذخراً وشرفاً ومزيداً ولا يكون ذلك إلا مع الصوم المتقبل، والعيد الذي يأمن به المسلمون الوعيد.
وإن أضحاكم يوم تضحون، وقد تكاملت مناسك الحج على سنتها وتعاقبت على فروضها، فعاد حجكم مبروراً، وسعيكم مشكوراً، و ذنبكم مغفوراً، لأداء هذا الفرض بموازينه ودقائقه فذلك هو اليوم الواقعي لأضحاكم، لانسلاخكم فيه عن الخطايا كما سلخت الأضاحي وكل هذا مما تنهض به دلالة الألفاظ ونحن نتدارس هذا النص في ضوء معطياتها البلاغية والنقدية واللغوية.
وفي دلالة الألفاظ على معانيها مسبوكة، يشير ابن الأثير إلى موقع اللفظ من النظم وإلى أهمية النظم في تقويم دلالة اللفظ فيقول: «بل أريد أن تكون الألفاظ مسبوكة سبكاً غريباً، يظن السامع أنها غير ما في أيدي ألناس وهي مما في ايدي الناس» (1).
ويريد بالسبك الغريب هنا كما هو واضح من دلالة اللفظ، السبك الطريف، لا الإيغال الوحشي.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير