تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن آية واحدة من كتاب الله ترتفع بنا إلى المستوى الدلالي المتطور في جملة ألفاظها، فكيف بسورة منه يا ترى وأين موقعنا من آياته وسوره كافة.

حـ ـ وما أراد به الإيحاء الخاص الكامن وراء دلالة اللفظ فإنه يختار بذاته لتلك الدلالة بذلك الإيحاء ولو دققت النظر في استعمال لفظ «زرتم» في سورة التكاثر (حتّى زرتم المقابر *) (1) لتبين لنا أن القرآن لم يستعمل الزيارة إلا في هذه الأية وإنه استعمل مادتها في آيات أخر، وهذا الاستعمال يوحي بدلالة حسبة قد لا ينبئ عنها ظاهر اللفظ، ومركزي المعنى بقدر ما يصوره إيحائي التعبير الدقيق، ويبدو أن أعرابياً مرهف الحس قد التفت إلى هذا الملحظ الشاخص فقال حينما سمع الآية على فطرته الصحراوية، وبوحي من بداوته الصافية قال: ـ

«بعث القوم للقيامة ورب الكعبة فإن الزائر منصرف لا مقيم» (2)، لقد وضع هذا الإعرابي يده على حسّ بلاغي عميق، أدرك فلسفة تخير هذا اللفظ دون سواه، بعيداً عن الفهم التقليدي والوعي القاصر في ترددات الناس بصورة الزيارة وكيفيتها ومؤداها لأنه في استعمال الزيارة عدة احتمالات فقد يأتي بمعنى الموت وقد يعبر عن الموت بالزيارة، وقد يراد غير هذا وذاك، في إيحاء باهر جديد يضع القرآن له أصلاً مبتكراً في عالمي النقد الأدبي والبيان العربي.

تقول الدكتورة عائشة عبد الرحمن في هذا المقام: ـ


(1) سورة التكاثر: 2.
(2) أبو حيان، البحر المحيط: 8/ 507.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير