[قصص من حياتك]
ـ[الأحمدي]ــــــــ[15 - 08 - 2006, 06:53 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
"القصص جند من جنود الله"
هذه الجملة البليغة نُسبت للإمام مالك و أبي حنيفة و الحسن البصري و غيرهم.
و من يتفكر فيها يجدها حقا، حكمة من إلهام المحدَّثين، و ما الذي اختاره سبحانه و تعالى لتربية عباده في القرآن إلا القصص؟
و رغم أننا في عصر القصص، الطويلة و القصيرة و المتوسطة و الحجم العائلي، المصورة و المحورة و المدورة، و المترجمة و المبرجمة، فضلا عن القصص المسموعة في المذياع و المرئية في التلفاز و السينما .. إلخ.
لكن هل أثرت فينا هذه القصص؟
قد، ربما، لعلها تكون أثرت فينا سلبا أو إيجابا، لكن تأثيرها لم يصب إلا الذي لم تطله جرعة اللقاح ضد القصص، و التي جوهرها كلمة واحدة: "كذب".
نريد قصة صادقة في زمن عزّ فيه الصدق و كثرت فيه المبالغة، قصة من حياتك تركت أثرا و عِبرة، و ربما أضحكت سنا أو أسقطت عَبرة، ليس ضروريا أن تكون قاصا أو بليغا لتحكيها لنا، فللصدق فصاحته و قدرته الخاصة على تخطي الحواجز إلى القلوب.
بسم الله أدعوكم للمشاركة في هذا الموضوع راجيا المولى عز و جل أن لا يحرمنا أجر الدلالة و الإدلاء، و أن يصفي قلوبنا من النفاق و أعمالنا من الرياء و ألسنتنا من الكذب، إنه و لي ذلك و هو على كل شيء قدير.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[15 - 08 - 2006, 07:17 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً بك أخي الأحمدي
كثرت الروايات والقصص التي لا تخلو من الكذب والبهتان من ناحية , ومن الموضوعات الشريفة من ناحية أخرى. فلا تجد قصة إلا وتجد فيها ما يخجل القارئ والله المستعان. ولا شك أن الأسباب الداعية لهذا هو البعد عن التعاليم الإسلامية أولاً وهي التي بمثابة المهذب للأفكار والرادع لكل ما يغضب الجبار , ثم التخلي عن العادات والتقاليد التي نشأ عليها العرب , والتي تجعلهم بمنأى عن الأفكار الغربية الهدامة , والتي راح الكثير من شباب الإسلام في محاكاتها وتوظيفها في نصوصهم الأدبية دون مراعات للمحظورات وللحدود الشرعية و العرفية.
فقل ما نجد نصاً راقياً شريفاً , يوحي بشرف كاتبه ونبله.
بوركت أخي.
راجيا المولى عز و جل أن لا يحرمنا أجر الدلالة و الإدلاء، و أن يصفي قلوبنا من النفاق و أعمالنا من الرياء و ألسنتنا من الكذب، إنه و لي ذلك و هو على كل شيء قدير.
اللهم آمين
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[15 - 08 - 2006, 08:41 م]ـ
وللإضافة إخوتي 000 فقد يتشدق بعضهم بقوله: (أنا لا أكذب ولكن أتجمل):)
وكأنه بهذا يعتمد النفاق الكتابي إن جاز لي التعبير في إيصال هواجسه 0
فكرة جميلة أخي الأحمدي 00 وليتها تلقى القبول 00
مغربي
ـ[الأحمدي]ــــــــ[16 - 08 - 2006, 05:53 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه القصة حدثت لي في زيارتي الأخيرة لليمن
"الشقاة" جمع "شاقي"، و هم بلهجة أهل اليمن العمال اليدويون الذين لا خبرة لهم في حرفة إلا الهدم أو دهن الجدران أو بناء حيطان صغيرة، أي عمل لا يحتاج إلى عميق إلمام.
كل صباح يخرج الشقاة إلى شوارع معينة اعتادوها و اعتاد الناس على تواجدهم فيها، فتراهم آلافا من المعاناة البشرية لا يحملون سوى أدواتهم و نظرة قلق.
بعيدا عن هذا كله، كنت يوما جالسا في المقاعد الأولى من حافلة عمومية صغيرة "دبّاب" بجانب السائق أنتظر امتلاء بقية المقاعد، و إذ بالسائق يمد يده الغليظة حول محيط كرشه جاهدا في الوصول إلى جيب قصي من جيوب معطفه، لتعود هذه اليد منتشية و في يدها علبة سجائر كما عاد كولومبس بالدخان من كوبا.
حولت بصري عنه ليصادف في واجهة الحافلة الأمامية إعلان شفاف ملصق:
(تحذير حكومي: التدخين .. ممنوع بموجب القانون)
نقلت بصري بين السائق و التحذير، ثم حادثته بلطف:
- ممكن تطفي السجارة أخي؟
- لا عليك، الآن نتحرك و تذهب رائحة الدخان.
و شفط شفطة ..
- و ما هذا التحذير الملصق على واجهة سيارتك؟
نظر إلى التحذير كأنه يتعرف على وجه صديق قديم
- من الحكومة .. هؤلاء كذابون ... لا تهتم بهم
و شفط شفطة ..
فكرت ماذا أرد؟ بالفعل كذابون، شرطي المرور الذي ألصق هذا التحذير لعله كان يدخن حينها.
قلت:
- طيب و إذا كان التحذير من الله؟
نظر إلي كأنه تنبه لوجودي بجانبه بالتو و اللحظة، مسحت عينه تضاريس لحيتي ثم قال:
- تمام ..
و شفط شفطة ..
يوم آخر، في حافلة أخرى أكبر من الأولى، و بينما أنا قاعد في أمان الله في الكراسي المتوسطة، توقفت الحافلة هنيهة كعادتها لتنتشل ركابا من الطريق، ثم واصلت مسيرتها.
بعد لحظات، دغدغت أنفي رائحة الدخان المعهودة، التفتُّ خلفي لأجد شاقيا نحيلا و بيده مطرقة ضخمة لا يناسبها في ضخامتها إلا كفه.
قلت:
- ممكن تطفي السجارة، الله يحفظك؟
- لا عليك، أنا قاعد جنب الباب، الآن تذهب الرائحة.
شخصت لواجهة الحافلة، نفس الإعلان ملصق هنا أيضا كما توقعت.
فلأحاول مرة أخرى:
- انظر إلى التحذير أخي، التدخين ممنوع بموجب القانون.
- الحكومة؟ لا تصدقهم، هؤلاء كذابون.
و شفط شفطة ..
يا رجائي لم يبق إلا أنت .. قلت:
- لكن الله يحرم التدخين أيضا
أطرق الشاقي برأسه و مرت لحظة صمت، ثم رفع رأسه و قال:
- أما هذه ... عندك حق ...
و رمى بالسجارة.
¥