[في تاريخ اللغة العربية]
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[03 - 09 - 2006, 12:38 ص]ـ
[في تاريخ اللغة العربية]
من المعروف أن اللغة العربية لغة سامية تكون مع الحبشية القديمة ولهجاتها اللاحقة الفرع الجنوبي للغات السامية.
ولقد ميز العرب قديماً بين العرب العاربة (البائدة) والعرب المستعربة. وذكر الأوائل أن عرب الجنوب هم العرب العاربة، وأنهم كانوا يتحدثون لغة عربية قديمة يعرفونها بالحميرية، ويعرفون كتابتها بخط المسند. وأما العرب المستعربة، فهم بنو إسماعيل عليه السلام. ولغتهم، وهي الفصحى التي دُونت فيها أشعار الجاهليين، والأدب الإسلامي والمعارف والعلوم فيما بعد، فهي العربية الشمالية.
والحميرية في الواقع هي لهجة من اللهجات العربية البائدة التي كان عرب الجنوب يستعملونها. ويطلق الباحثون على اللهجات العربية الجنوبية اسم "العربية الجنوبية" تمييزاً لها عن العربية الشمالية.
وتتكون العربية الجنوبية من اللهجات التالية: السبئية والمعينية والقتبانية والحميرية والحضرمية وكلها لهجات بائدة. وقد حفظ الدهر لنا آلاف النقوش المدونة بالعربية الجنوبية وبخط المسند، ويختلف الباحثون كثيراً في تاريخ أقدمها الذي يرجح أن يكون في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد.
أما أقدم نص تناهى إلينا باللغة العربية الشمالية هو نقش الملك العربي امرئ القيس (غير الشاعر المعروف)، ويعود تاريخه إلى القرن الثالث الميلادي.
وأدت الأبحاث الأثرية في الجزيرة العربية منتصف القرن الماضي إلى اكتشاف لهجتين عربيتين على جانب كبير من الأهمية لأنهما حلقة الوصل (زمنياً وجغرافياً) بين العربية الجنوبية والعربية الشمالية هما: اللهجة الثمودية واللهجة اللحيانية.
ويجمع الباحثون على أن العربية الشمالية قد تناهت إلينا بصورة كاملة مما يجعلنا نجزم بالضرورة على أنها مرت بمراحل طويلة من التطور والتهذيب حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من التمام والكمال. ولكنا لا نعرف شيئاً يذكر عن تلك المراحل. الأمر نفسه ينطبق على أدبها القديم من شعر ونثر جاهليين، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن بحور الشعر العربية أكثر بحور الأمم المتحضرة ـ ولا أستثنى منها واحدة ـ تطوراً وغناءً.
قد لا نستطيع الإجابة على الأسئلة الكثيرة التي يثيرها لدينا التأمل في لغتنا العزيزة دون الرجوع إلى اللغات السامية عموماً واللهجات العربية البائدة خصوصاً لأنها ـ أي اللهجات العربية البادئة ـ لهجات عربية قحة يؤدي البحث فيها إلى معرفة أعمق بتاريخنا وإلى حل لألغاز كثيرة نواجهها لدى قراءة الأدب الجاهلي أو عند التأمل في لغتنا الفصحى ...
وربما اطلعت أثناء قراءتك في كتب الأوائل على القصة التي تروي أن ملكاً حميرياً قال لأحد عرب الشمال "ثِبْ" (ومعناها "اجلس" بالحميرية)، فما كان من العربي إلا الامتثال لأمر الملك فقفز وسقط على الأرض ومات. فقال الملك الحميري: "مَن دخلَ ظفار حَمَّرَ"! وبالنظر في العربية الجنوبية نجد أن الفعل "وثب" يعني "جلس"، وبالنظر في الساميات يتبين أن هذا الفعل من الأضداد لأن معناه في العربية ضد معناه في سائر الساميات:
/يثب/ في الأوغاريتية، /وشابُ/ في الأكادية، ??? /يَشابْ/ في العبرية، و??? /يتب/ في الآرامية وكله "جلس"؛ /أوسَبَ/ في الحبشية ومعناه فيها: "تزوج" ـ وهو معنى طريف جداً لأن الزواج يجعل الرجل "يجلس" ـ وهو كذلك في المصرية القديمة: /أسبت/ "عرش".
والقرابة بين اللغات السامية والمصرية القديمة ثابتة لأنها لغة حامية واللغات الحامية واللغات السامية من أصل واحد، ولي عودة إلى اللغات الحامية عموماً والمصرية القديمة والأمازيغية خصوصاً إن شاء الله.
لذلك أقترح هذا المنتدى ليتواصل عليه المهتمون بتاريخ اللغة العربية وآدابها القديمة، فقد يساعدهم هذا التواصل على فهم تاريخ لغتنا العزيزة، وفهم ما غمض منه، ومنها.
وأخيراً أدعو المهتمين الذين يودون تعلم قراءة خط المسند إلى تحميله من الرابط التالي وتركيبه على حواسيبهم:
http://www.omniglot.com/writing/sabaean.htm
عبدالرحمن السليمان.
المصدر: http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=14&forum=8
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[03 - 09 - 2006, 01:06 ص]ـ
خط المسند
مقدمة:
¥