[نصوص مترجمة 1 - من بطليموس الغنوصي إلى فلورة المسيحية]
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[20 - 09 - 2006, 02:17 ص]ـ
?????????? ???? ??????
"من بطليموس إلى فلورة"
1. مقدمة:
بين أيدينا رسالة كتبها بطليموس الغنوصي (؟ - 180 ميلادي) إلى امرأة مسيحية اسمها فلورة. وتعتبر هذه الرسالة المحررة باللغة اليونانية من أقدم نصوص المذهب الغنوصي التي تناهت إلينا في تلك اللغة. وكانت الكنيسة احتفظت برسالة بطليموس كما احتفظت بغيرها من نصوص المذهب الغنوصي لأنها، أي الكنيسة، كانت ترى في نشر نصوص الهراطقة وتفنيدها أنجع طريقة لمحاربتهم. [1]
والغنوصية [2] ( Gnosticism) أو مذهب العرفان هو مذهب نشأ مع نشأة المسيحية في القرن الأول للميلاد وانتشر انتشاراً واسعاً في القرن الثاني. وضع أصول هذا المذهب الشاعر المصري فالانسيوس (الإسكندرية: 110 - 175) الذي كان يرى أن "المعرفة الروحانية" أهم من الإيمان بحد ذاته، وأنه لا سبيل إلى قراءة الكتب المقدسة عموماً وأسفار العهد القديم خصوصاً قراءة ظاهرية بل لا بد من تأويلها تأويلاً ميتافيزيقياً لفهمها، محاولاً في الوقت نفسه التوفيق بين تعاليم المسيح من جهة والفلسفات اليونانية والشرقية من جهة أخرى. فكان نقد الكتاب المقدس ورفض تفسيره تفسيراً حرفياً أهم أصل من أصول مذهبهم. ولعل إمعان الغنوصيين في نقد الكتاب المقدس هو الذي جعل الكنيسة تعتبرهم هراطقة. أما هم فكانوا يعتبرون أنفسهم مسيحيين على الصراط المستقيم لأن إيمانهم مبني على "العرفان" وبالتالي على اليقين. [3]
والحقيقة أن مشكلة كتاب العهد القديم الذي اعتمدته الكنيسة كانت من التعقيد بمكان جعل حتى آباء الكنيسة يضطربون تجاهها. والمشكل اللاهوتي العويص كان في محاولة التوفيق بين صورة الإله التي يقدمها كتاب العهد القديم، وصورة الإله التي تقدمها الأناجيل، وهذا باد بجلاء من محاولة قيام بطليموس بالتدليل على التضاد بين الصورتين معتمداً في ذلك على أماكن بعينها من كتب العهد القديم، مبرهناً بطريقته على أن الإله الذي أوحى بالتوراة أو ببعض منها إلى موسى هو غير الإله الآب الرحيم الذي بعث عيسى وأوحى [4] بالأناجيل إلى الرسل، أي إن إله اليهودية ليس هو هو إله المسيحية!
وزاد الجدل في كتاب العهد القديم، وتدخلت الكنيسة لتحكم بين الآراء، فأدى تدخلها في الجدل إلى نشوء آراء كثيرة أدت بدورها إلى تفرع المذهب الغنوصي إلى فرعين رئيسيين: فرع شرقي ومركزه الإسكندرية، وفرع غربي ومركزه رومة. وكان بطليموس من أتباع الفرع الغربي للمذهب، وتعتبر رسالته إلى فلورة، وهي سيدة مسيحية حاول فيها اجتذابها إلى مذهبه، من أقدم نصوص الفرع الغربي للمذهب الغنوصي المحفوظة باللغة اليونانية. [5]
لم تترجم هذه الرسالة المهمة إلى اللغة العربية بعد. من ثمة اهتمامي بها والترجمة التي أنشرها أدناه، والتي سبق لي أن نشرتها في موقع الجمعية الدولية للمترجمين العرب ( www.wataonline.net). وسأعود في المستقبل إلى معتقد بطليموس في الإله الحق بحثاً ومقارنةً إن شاء الله.
2. النص:
1.3. "اعلمي يا أختي الكريمة فلورة أن التوراة التي بشَّر بها موسى لم يفهمها معظم الناس على حقيقتها لأنهم لا يعرفون شيئاً يذكر عن المُشرِّع الحق ولا عن حدوده.
2. فهي عند قوم من عند الإله الآب، وعند قوم آخرين يعتقدون اعتقاداً مختلفاً عن الأول، هي من عند العدو، الشيطان الرجيم، تماماً مثلما ينسبون إليه [الشيطان] خلق العالم بزعمهم أنه الآب وأنه خالق كل شيء.
3. ويبدو جلياً أن الفريقين على ضلال لأنهما متناقضان في الرأي ولأنهما لم يوفقا إلى معرفة الحقيقة وفهمها؛
4. إن التوراة ـ نظراً لعدم أهميتها ـ ليست من عند الإله الآب. فهي من جهة ناقصة وتحتاج إلى تكميل، وتحتوي من جهة أخرى على حدود لا تنسجم مع طبيعة الإله الآب وحقيقته.
5. أما الرأي الآخر فهو غير مقبول أيضاً، إذ لا يعقل أن يكون مصدرُ التوراة العدوَّ البغيضَ [= الشيطان] لأنها لا تبيح الظلم. وهذا رأي يعتقده هؤلاء الذين لا يستطيعون ـ وفقاً لكلام المخلص ـ أن يروا ببصيرتهم "أن المدينة المنقسمة على نفسها لا يمكن لها أن تعيش"، كما يقول مخلصنا. [6]
¥