تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد فصل الشوكاني رحمه الله القول في هذه المسألة في كتابه نيل الأوطار في المجلد الثامن باب ما جاء في آلة اللهو، وعرض أدلة المانعين والمجيزين، وأبطل دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع، وانتهى إلى القول بأنها من المتشابهات التي ينبغي أن يتركها من أراد أن يستبرئ لدينه وعرضه، يقول رحمه الله بعد عرض مسهب ومفصل لآراء المانعين والمجيزين: وإذا تقرر جميع ما حررناه من حجج الفريقين فلا يخفى على الناظر أن محل النزاع إذا خرج عن دائرة الحرام لم يخرج عن دائرة الاشتباه، والمؤمنون وقافون عند الشبهات كما صرح به الحديث الصحيح ولا سيما إذا كان مشتملا على ذكر القدود والخدود والجمال والدلال والهجر والوصال ومعاقرة العقار وخلع العذار الوقار، فإن سامع ما كان كذلك لا يخلو عن بلية، وإن كان من التصلب في ذات الله على حد يقصر عنه الوصف! وكم لهذه الوسيلة الشيطانية من قتيل دمه مطلول وأسير بهموم غرامه وهيامه مكبول، نسأل الله السداد والثبات، ومن أراد الاستيفاء للبحث في هذه المسألة فعليه بالرسالة التي سميتها: إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع.

وممن فصل القول كذلك في هذه المسألة شيخ الأزهر السابق الشيخ جاد الحق في كتابه بحوث وفتاوى إسلامية في قضايا معاصرة في المجلد الخامس ص 407 وما بعدها، والذي انتهى إليه الشوكاني هو الذي تميل إليه النفس في هذه المسألة والله تعالى أعلى وأعلم.

ثم يبقى بعد هذا الحديث عن مدى جواز التقليد في الآراء الضعيفة أو الشاذة فنقول: إن المستفتي لا يخلو حاله من أن يكون عاميا أو طالب علم:

- فإن كان عاميا ففرضه أن يسأل أهل الذكر، لقوله تعالى: >النحل:43 فعلى من نزلت به نازلة من العوام أن يرفعها إلى من يثق في دينه وعلمه من أهل الفتوى، وإن اختلفت عليه فتاوى المجتهدين أخذ بفتوى الأعلم والأورع، ويعرف ذلك بالشيوع والاستفاضة، وهنا مجال لعذر بعض العامة إن وثقوا بأحد المنتسبين إلى العلم فقلدوه في بعض زلاته واجتهاداته الضعيفة أو الشاذة،، فكما عذر العالم بخطئه وأثيب على اجتهاده وإن لم يصب فيه الحق فإن العامي يثاب كذلك على سؤاله لمن وثق في دينه وعلمه، ويعذر بعدم علمه بخطأ إمامه، أما إن كان العامي صاحب هوى، وقد علم الله من قبله أنه لم يتجرد لطلب الحق، وإنما بحث عمن يفتيه بما يهوى ويشتهي فهو آثم بذلك ولا يرتفع عنه هذا الإثم بتقليده هذا الإمام أو ذاك.

- أما إن كان المستفتي طالب علم فإنه متعبد بطلب الدليل والمقارنة بين الآراء عند الاختلاف، وطلب الترجيح من أهل الفتوى، أو بذل الوسع في الترجيح بينها بما يبلغه جهده وطاقته، ثم العمل بما انتهى إليه سعيه في نهاية المطاف، ولا تثريب عليه إن أخطأ ما دام قد استفرغ وسعه وبذل جهده وطاقته، فإنه قد اجتهد الاجتهاد الذي يتسنى لمثله، والمجتهد معذور على كل حال: أخطأ أم أصاب. ولا يخفى أن أهل السنة لا يقرنون بين الخطأ وبين الإثم فليس كل من اجتهد فأخطأ كان آثما بخلاف أهل البدع الذين يأثمون بل ويفسقون ويكفرون، ولهذا ارتبط تاريخهم بالصراعات والانقسامات فلم تأتلف لهم كلمة ولم ينتظم لهم شمل، بل كانوا في تشرذم دائم وفي تهارج مستمر، والله تعالى أعلى وأعلم.

- وعلى هذا فالذين أطلقوا القول بإباحة المعازف والملاهي هم عندنا مخطئون، لأن نظرنا قد انتهى إلى أنها من المتشابهات التي ينبغي تجنبها، ولكننا لا نؤثمهم بالضرورة، لأنه لا اقتران بين الخطأ والإثم، وما ورد من تشنيع على بعض أصحاب الزلات في كتب أهل العلم فهو تشنيع على التقصير في الاجتهاد، وليس على مجرد الخطأ أو الزلل في ذاته.

- والذين يقلدونهم على ذلك هم عندنا مخطئون، كذلك لأنهم قلدوا في أمر لا نعتقد بصوابه، ولكننا مرة أخرى نقول إنهم ليسوا آثمين: إن كان هذا هو مبلغهم من العلم وقد علم الله منهم تجردهم لطلب الحق ورغبتهم في الاحتكام إلى الشرع والوقوف عند حدود الله عز وجل، والله تعالى أعلى وأعلم

ـ[أبو طارق]ــــــــ[26 - 11 - 2006, 04:53 م]ـ

حكم الغناء ( http://www.alfaseeh.com/vb/showpost.php?p=89894&postcount=4)

ـ[المرشد]ــــــــ[26 - 11 - 2006, 09:54 م]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير