تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2. لأن معجمها الكبير حوى كل الجذور الموزعة على اللغات السامية الأخرى (حتى ذهب اليعزر بن يهودا محيي العبرية الجديدة في مقدمة معجمه إلى أن كل جذر غير موجود في العبرية وموجود في العربية، ينبغي استعارته من العربية وإدخاله في العبرية لأن العبرية لم تحتفظ من الجذور السامية الأصلية إلا ما كان في أسفار العهد القديم منها، بعكس العربية ذات الأدب الكبير والمراجع الأدبية الكثيرة)؛

3. لأنها ــ وهذا أعظم الأسباب ــ اللغة الحية غير الميتة! وهذا يعني، قبل كل شيء، أن معجمها واضح ومعاني مفرداتها ثابتة غير قابلة للشك والتأويل (بعكس كل الساميات تقريبا).

لذلك كانت العربية ولا تزال تستعمل في الدراسات السامية حجة على جميع الساميات لأن البحث العلمي أثبت أنها أقرب من سواها إلى اللغة الأم التي تفرعت الساميات عنها، ولأن أدبها أوسع ومعجمها أكبر، ولأنها لغة حية لا يخضع تفسير الكلام فيها لعنصر الاحتمال والتأويل. فمن الطبيعي أن يقوم الباحث بالتحقق أولا من غلة العربية قبل بدء المقارنة التأثيلية. وأنا أفعل ذلك لكني لا أذكره في الحواشي "السريعة" التي غالبا ما تكون كتابتها تعليقا أو توضيحا لشيء قرأته أو ردا توضيحيا على ملاحظة زميل. أما في المقالة المطولة، فلا تفوتني الإشارة إلى مصادر أوائلنا لأن عدم تمحيص المعاجم العربية في الدراسات السامية خطأ منهجي قبل كل شيء. ولو كان أوائلنا يعرفون، إلى جانب الفارسية، قليلا من السريانية والعبرية، لما وجدنا شيئا ينقد في مصادرهم ومعاجمهم، ذلك أن كل ما ينقد في معاجمهم مرده إلى عدم معرفتهم ببعض اللغات التي احتكت العربية بها وتواصلت معها، وهذا شيء ضئيل جدا قياسا بعطائهم الكبير. وينبغي على أدبائنا ولغويينا معرفة هذه الحقائق، فلا يتبادر إلى ذهنهم الشك بأن المشتغل بالساميات إنما يستشهد بها على العربية. فالعربية تنتمي إلى أسرة لغوية كبيرة هي أسرة اللغات السامية الحامية، ومن شأن المقارنة جلاء ما قد يغمض من العربية بسبب القدم وعدم التدوين في القديم (وأمثلة مثل هراق/أراق؛ هنار/أنار؛ سعذب/أعذب؛ سلقى/ألقى توضح الغرض). ولعل مصدر ريبتهم هو الشعوبية المبطنة لبعض الكتاب من ذوي الأصول السريانية (مثل حنا ترزي وغيره) الذين يخلطون في كتاباتهم بين قدم اللغة وأسبقية التدوين. فالعربية الشمالية أقدم اللغات السامية أصواتا وصرفا ونحوا ومعجما، وهي آخرها تدوينا، وتاريخ التدوين لا يعتد به في الدراسات العلمية بإجماع جميع المشتغلين بالساميات، وهذه نقطة مهمة جدا يجب على لغويينا معرفتها.

وأذكر في هذا السياق أن الأحبار اليهود المستعربين إبان الفتح الإسلامي كانوا يفسرون التوراة من العربية لأن التوراة وقتها كانت مروية بلغة ميتة هي العبرية، اكتشفوا وقتها أنها شديدة القرب من العربية. وهذا الأمر لا يزال قائما حتى اليوم، حتى أن أحد أسباب دراسة العربية في الاستشراق التقليدي هو تفسير ما غمض من أسفار العهد القديم (وهو كثير جدا). ونستأنس في هذا السياق بما كتبه كبير نحاة اليهود ولغوييهم، مروان بن جناح القرطبي (القرن الخامس للهجرة)، في مقدمة كتابه المرجعي في النحو العبري (كتاب اللمع) الذي سماه باللمع تيمنا بكتاب ابن جني في النحو. يقول (صفحة 7 - 8):

"أفلا تراهم [الضمير عائد إلى أحبار التلمود] يفسرون كتب الله [يقصد أسفار التوراة] من اللسان اليوناني والفارسي والعربي والإفريقي وغيره من الألسن؟ فلما رأينا ذلك منهم لم نتحرج [من الاستشهاد] على ما لا شاهد عليه من العبراني بما وجدناه موافقاً ومجانساً له من اللسان العربي إذ هو أكثر اللغات بعد السرياني شبهاً بلساننا. وأما اعتلاله وتصريفه ومجازاته واستعمالاته فهو في جميع ذلك أقرب إلى لساننا من غيره من الألسن، يعلم ذلك من العبرانيين الراسخون في علم لسان العرب، النافذون فيه وما أقلهم".

آنسك الله.

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 10:20 م]ـ

مضطردة>مطردة

أترى كلمة وليمة أولم لها صلة باللحم؟

مطردة هذه تلاحقني باطراد! قاتل الله الغربة بدأنا نلحن فيها!

ملاحظة رائعة أخي أبا أوس فالوليمة هي باللحم عند القوم! والأصل في الجذور السامية الحامية هو الثنائية وليس الثلاثية فيكون الأصل (ل م) يضيفون إليه حرفا ثالثا لتحديد المعنى هو حرف الحاء في هذه الحالة. ولا شك في أن لولم (ل م + و) علاقة باللحم، مثلما لكان لكلم (ل م + ك) علاقة باللحم (الجرح). وجاء في اللسان أن اللَّبْم (ل م + ب) اختلاج الكتف. ومثل ذلك اللتم (ل م + ت) وهو طعن منحر البعير بالشفرة كما قال في اللسان. وقد يكون للألم (ل م + أ) علاقة باللحم لأن الألم يكون في البدن. وغير خاف علينا معنى اللهم والالتهام (ل م + ه) وهو الأكل والابتلاع. ونحن نجد مثل هذه الاشتقاقات في معظم اللغات السامية، فجذور مثل جمع وجمل وجمر وجمم ومثل قصر وقصم وقصص موجودة هكذا في كل اللغات السامية تقريبا، فهذا أمر له أس في اللغات السامية مجتمعة وليس خيالا علميا كما نرى.

أحسن الله إليك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير