تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

العبرية والسريانية واللهجتين الشامية والمصرية من جهة أخرى. وما ينطبق على المقارنة بين العربية الفصيحة والعبرية والسريانية من جهة، وبين العربية الفصيحة واللهجتين الشامية والمصرية من جهة أخرى، ينطبق على كل اللغات السامية (ما عدا الأكادية في عهودها الأولى أي من حوالي 2800 إلى 2000 قبل الميلاد) وكل اللهجات العربية. وهذا بحث لا أعرف أحدا قام به، ويستهويني جدا، ولقد جمعت فيه مادة تصلح نواة لكتاب، وحبذا لو ركز شبابنا جهدهم عليه.

مثال (بسيط للتوضيح):

الوزن السامي الأصلي فَعْلٌ: عَبْدٌ

الأكادية: abd-um؛ العربية: abd-un؛ العبرية: ebed

اللهجة الشامية/المصرية: abed

الملاحظ أن العربية والأكادية لغتان معربتان وأن الإعراب في الأكادية بالميم (تمِّيم) وفي العربية بالنون (تنوين). أما العبرية فأهملت الإعراب مثلما أهملته اللهجتان المصرية والسورية. والنتجية هي التقاء الساكنين (الباء والدال في /عَبْد/) وهذا لا يجوز في كل اللغات السامية. لذلك استغنت اللغات السامية التي أهملت الإعراب من جهة، واللهجتان المصرية والسورية اللتان أهملتا الإعراب أيضا من جهة أخرى، عن مخرج الإعراب ( um/un) بإضافة كسرة خفيفة ممالة نحو الـ e بين الباء والدال ( ebed/abed) للتخلص من التقاء الساكنين. وتشذ السريانية عن ذلك لجعلها أداة التعريف (وهي ألف المد) آخر الكلمة فيقال: /عَبْدا = ab-d?) مما يلغي مشكلة التقاء الساكنين مع الإشارة إلى أن السريانية ليس فيها إعراب.

أدت هذه العلاقة بالمشتغلين بالساميات من المستشرقين إلى الاستنتاج بأن جزيرة العرب مهد القبائل السامية وأن العربية حافظت على خصائص السامية الأم حتى كادت أن تكون إياها. وقد ألهم هذا الاستنتاج القوميين العرب القول إن العربية أم اللغات السامية. وهذا القول، على الرغم من أن الذين أطلقوه هم قوميون لم يدرسوا الساميات بل انتحلوا هذا القول انتحالا وروجوا له لأسباب قومية، فإنه لا يخلو من حق، بل يكاد أن يكون حقا كله! فلقد أثبت البحث العلمي أن العربية هي الأم السامية تقريبا ..

ولقد كنت في بداية الدراسة أستهجن قول القوميين لأني لا أثق بهم فطرة .. ، إلا أن دراستي وبحثي وقراءتي الكثيرة في نصوص اللغات السامية كل ذلك يجعلني أجزم أن العربية هي الأصل، ويجعلني، في الوقت نفسه، أحزن لعدم وجود مدرسة عربية أصيلة تهتم بالدراسات السامية وتضع لها اسما اصطلاحيا يستبدل اسم الدراسات السامية بمنهجية علمية وليس بالعاطفة .. وحبذا لو صرف شبابنا اهتمامهم إلى هذه الأبحاث بدلا من اجترار القديم الذي أبدع فيه أوائلنا الذين لا يزال المستشرقون، حتى يومنا هذا، يستعملون منهاجهم في الدراسات السامية المؤسسة كليا على منهج الخليل في اللغة وسيبويه في النحو، لأنها أفضل المناهج!

وأخيرا: جاء في الأثر أن سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه تعلم العبرية في أيام. هذا ممكن جدا فلقد تعلمت العبرية وأتقنتها في شهرين ثم درست الأوغاريتية في أسبوعين تقريبا .. وأنا مستعد لأن أبرهن على ذلك في المنتدى والملأ! أعطوني رجلا متمكنا من العربية، أعلمه العبرية في ثلاثة أسابيع (هذا بعد أخذ الفرق في حدة الأذهان بين جيل الصحابة الألمعي، وجيلنا التعبان .. بعين الاعتبار)!

آنسك الله.

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 12:00 ص]ـ

أشكرك أخي على هذه الإجابة الدقيقة الوافية وكنت قرأت ما ذكرته لك في كتاب الأستاذة الدكتورة سلوى ناظم الدبوس رحمها الله وهي لغوية متخصصة باللغة العبرية.

تقبل تحياتي واسلم واعذرني لإلحافي في الأسئلة لأن بضاعتي في هذا الأمر صفر.

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[20 - 10 - 2008, 10:38 م]ـ

تقبل تحياتي واسلم واعذرني لإلحافي في الأسئلة.

هلا وغلا بحضرتك وبأسئلتك في أي وقت أخي الحبيب أبا أوس سلمه الله.

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[20 - 10 - 2008, 10:41 م]ـ

كشف الظنون عن أصل كلمة قانون!

كثيرا ما نسمع أن كلمة (قانون) معربة عن اليونانية (????? = kan?n) التي تعني فيها "قاعدة"، وفي الأصل: "خط للقياس". وبالنظر في أصل الكلمة يتضح أنها مشتقة من اليونانية (????? = kanna) التي تعني فيها "قصب". وقد دخلت هاتان الكلمتان اليونانيتان اللاتينية ( canon وباطراد canna ) واحتفظتا فيها بالمعنى ذاته. ثم انتقلت الكلمتان من اللاتينية إلى أكثر لغات الغرب.

وعند التدقيق في الكلمتين اليونانيتين يتضح أنهما مستعارتان من اللغات العروبية (الحامية السامية)، إذ جاء في الأكادية (مطلع الألفية الثالثة قبل الميلاد): /قنو: qan?/ " قصب"، وكذلك في العبرية /???: q?neh/ " قصب" أيضا. أما في الحبشية فتعني /قنوت: qan?t / " عصا وخز" (لوخز الماشية في مؤخراتها). وأما في الفينيقية (= قنا) وفي الآرامية والسريانية (= ????: قَنْيا) وأخيرا في العربية (= قناة، قناً) فتعني الكلمة: "الرمح".

وأصل القناة: "العصا" المستوية. قال في اللسان (مادة /قنا/): "وكل عصا مستوية فهي قناة". والعصا المستوية هي العصا التي يقاس بها ويرسم بها الخط المستقيم، وهذا معنى "قانون" الأصلي في اليونانية، أي "خط للقياس"، ثم استعمل مجازا ليدل على "القاعدة"؛ فثبت أخذ اليونان لها عن اللغات العروبية، ذلك أن اليونان جاؤوا ألفي سنة بعد الأكاديين الذين جاء في لغتهم: /قنو: qan?/ وهي القصبة المستقيمة!

وقد حلت (المسطرة) اليوم محل العصا في رسم الخط المستقيم .. ، إلا أن كل مَن ليس تحضره مسطرة قد يرسم الخط المستقيم بعصا مستقيمة .. أو بظهر الكتاب، أو بأي شيء مستقيم أو غير مستقيم ذلك أن الشاطر يرسم خطا مستقيما برجل حمار إن اقتضى الأمر (على رأي المثل: الشاطرة تغزل برجل حمار)!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير