تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فرح الأطفال لاجتماعهم في بيت واحد وأخذوا يتحدثون وكأنهم الكبار في زمن الأقزام، علي وشادي وحسن أخذوا يمثلون تصدي المقاومة للاحتلال وكأنهم هم في ساحة القتال يدافعون عن وطنهم، أما فاطمة وزينب تبادلن لعبهن والضحك يملأ المكان، أما زهرة فرضيت بتناول حليب أمها والنوم في حضنها فذلك بالنسبة لها هو الدنيا اجمع، وخلد الجميع للنوم فالليل قد انتصف ونهار الأطفال كان طويلا ومتعبا لكثرة اللعب، ولكن محمود وحسين كان النوم بعيدا جدا عنهم فعيونهم شاخصة إلى مكان أبنائهم وأهلهم، فمحمود لم يقض وقتا طويلا مع زهرة، وشريط الأمل الذي رسمه في المشفى بعد أن رأت زهرة النور لم يكتمل أي مشهد منه، فالولادة كانت قبل يومين.

وتبدل السكون المخيف في لحظات إلى أصوات رعب لا يعرف المعنى لها وصفا، والليل المظلم تحول إلى نهار أضيئ بالصواريخ الذكية التي لا تخطئ هدفها، ينظر محمود وكأنه شل عن الحركة ولم يتحرك منه سوى شريط مجزرة 1996، ترى هل ما كان يخشاه قد وقع ....

ماذا حدث لزهرة هل ستصبح في زمن النسيان؟! زجره حسين قائلا هل ستبقى جالسا ًمكانك؟ فلنذهب لبيت أبي جهاد وننقذ من فيه ....

ولكن القصف أسرع منهما بكثير، جلس محمود يندب حظه حتى أن عقارب الساعة لم تتحرك، والشمس يبدو أنها لن تشرق بعد اليوم وساعات الفجر أعلنت أنها لن تعود.

هام محمود على وجهه لا يعرف ما يفعل، طلب من أهل الضيعة الاختباء خوفا من القصف ولكن القصف وصل إلى مخبئهم، يبدو أن الموت أتى يبحث في القرية عن الطفولة والبراءة؛ لأنها في المستقبل من سيعيد الحياة إلى الدنيا وهذا لا يعجب الموت الذي أتى يبحث عن زهرة وعن علي وفاطمة وحسن وزينب وجميلة ليقول لهم انتم مكانكم تحت الأرض، لا مكان لزهرة لتكبر وتصبح طبيبة ووالدة لأبناء وبنات، أتى مسرعا لعلي لآن تهمته انه سيكون في كبره معلما يزرع الحرية والأمل والكرامة في قلوب تلاميذه، أتى الموت من عل ٍ ليحاكم زينب فهي ستكون عالمة في الأحياء والجينات، فقال لها الموت كوني عالمة ًبعلم الموت، عَلم الموت أن حسن يريد علم الصحافة ليوثق ما حل في بلده بقلم شريف ومخلص لأمته وذلك يعني للموت بعث الحياة في نفس الإنسان.

وقف الخروف ينظر إلى علي وهو يمر بجانبه ليس إحضارا للطعام أو الماء، ولكنه يمر صريعا محمولا لا يقدر على الحياة أو الكلام، نظر إلى زهرة فلم يجد البسمة على وجهها، بل وجدها كما عهدها في حضن أمها أبت أن تفارقه، وتمر زهرة دون وجود للفراشات البهية تتسابق على جسدها الطري بل حط الذباب عليها فالزهرة ذبلت، والغريب انه رأى فاطمة تمر بالقرب منه دون أن تهرب كعادتها، ولكنه

لاحظ أنها محمولة والتراب يلون شعرها الأشقر وكذلك زينب وحسن وكل الأطفال الذين يعرفهم خرجوا جميعا ولكن لم يكن احد منه يمشي على رجليه الكل صريع ومحمول، أعاد الخروف تاريخه وتابع كلامه السابق، لقد كان جدي فداءً لأبي العرب إسماعيل وفي كل عام يُضحى بإخواني إحياء لسنة نبي الله إبراهيم، ولكن زهرة وزينب وعلي وشادي وفاطمة وحسن من ضَحى بهم؟ ولحساب من؟ وهل سيتم محاسبة آلة الموت التي زارتهم في جنح الظلام؟ كم كنت أتمنى أن أكون فداءً لهم أجمعين.

ـ[بسام طه]ــــــــ[02 - 08 - 2007, 02:11 ص]ـ

أتمنى منكم اخواني ان تبدو رأيكم فيما كتبت، شاكرا لكم تفاعلكم معي

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير