تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوجه الأول: أن نقول إن أدلة تحريم الغناء ليست مقصورة على الأحاديث فقط، بل هناك أدلة على تحريمه من القرآن الكريم منها قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الآية، وقد تقدم الكلام عليها. ومنها قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} الآية عن مجاهد قال: استزل منهم من استطعت. قال وصوته الغناء والباطل. قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: وهذه الإضافة إضافة تخصيص، كما أن إضافة الخيل والرجل إليه كذلك. فكل متكلم في غير طاعة الله أو مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان. وكل ساع في معصية الله على قدميه فهو من رجله، وكل راكب في معصية الله، فهو من خيالته، كذلك قال السلف، كما ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس: (قال رجله كل رجل مشت في معصية الله. ا هـ) [من إغاثة اللهفان.]

ومنها قوله تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} قال عكرمة عن ابن عباس السمود الغناء في لغة حمير يقال اسمدي لنا أي غني، وقال عكرمة كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا فنزلت هذه الآية، وقال ابن كثير - رحمه الله - وقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال: الغناء - هي يمانية - اسمد لنا: غن لنا وكذا قال عكرمة. ا هـ إلى غير ذلك من الآيات.

الوجه الثاني: أن نقول للمؤلف من هم فقهاء الحديث وعلماؤه الذين طعنوا في الأحاديث الواردة في تحريم الغناء سمهم لنا، هل هم البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وأبو داود والترمذي والنسائي ويحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وأمثالهم من أئمة الجرح والتعديل، أم هم ناس غير هؤلاء ممن يبيح الغناء؟ [1]

الوجه الثالث: أن نقول للمؤلف إن الأحاديث الواردة في تحريم الغناء ليست مثخنة بالجراح، كما زعمت، بل منها ما هو في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله. ومنها الحسن ومنها الضعيف، وهي على كثرتها وتعدد مخارجها حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم الغناء والملاهي [2]

زعم المؤلف أن العلماء ما حرموا الغناء إلا لاقترانه بمحرمات والجواب عنه

ثم قال المؤلف: وقد اقترن الغناء والموسيقى بالترف ومجالس الخمر والسهر الحرام مما جعل كثيرا من العلماء يحرمونه أو يكرهونه. . إلخ ما قال.

وجوابنا عن ذلك أن نقول: ليس تحريم العلماء للغناء من أجل اقترانه بهذه الأشياء فقط، بل إن تحريمهم له من أجل الأدلة على تحريمه في نفسه، ولو لم يقترن بهذه الأشياء التي ذكرتها. فهذا الذي قاله المؤلف ادعاء منه على العلماء أنهم ما حرموه إلا من أجل ذلك، وهو ادعاء مردود، ثم قال: (ومن المتفق عليه أن الغناء يحرم إذا اقترن بمحرمات أخرى كأن يكون في مجلس شراب أو تخالطه خلاعة أو فجور فهذا هو الذي أنذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهله وسامعيه بالعذاب الشديد حين قال [1] (ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير).

والجواب عن هذه الجملة كالجواب عن الجملة التي قبلها: إن الغناء حرام، ولو لم يقترن به محرم آخر.، كما أن شرب الخمر المذكور في الحديث الذي ساقه المؤلف حرام، ولو لم يكن معه غناء. قال العلامة الشوكاني في نيل الأوطار (8 - 107) مجيبا على هذه الدعوى ما نصه: (ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الحديث - يريد حديث -: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) لا يحرم إلا عند شراب الخمر واستعمال المعازف، واللازم باطل بالإجماع، فالملزوم مثله. وأيضا يلزم مثل قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين، فإن قيل تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر، فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا، كما سلف. ا هـ

اعتراضه على تفسير لهو الحديث بالغناء والجواب عنه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير