تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال فضيلة المؤلف: قال بعضهم: (إن الغناء من لهو الحديث المذكور في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِين} وقال ابن حزم إن الآية ذكرت صفة من فعلها كان كافرا بلا خلاف إذا اتخذ سبيل الله هزوا لكان كافرا، فهذا هو الذي ذم الله عز وجل. وما ذم سبحانه قط من اشترى لهو الحديث ليتلهى به ويروح به نفسه، لا ليضل عن سبيل الله)

والجواب عن هذا من وجوه:

الوجه الأول: أن قول المؤلف: (وقال بعضهم إن الغناء من لهو الحديث) بهذه الصيغة يفيد التقليل من شأن هذا القول وتضعيفه وتجاهل من قال به من أكابر الصحابة والتابعين ك ابن عباس وابن عمر وابن مسعود ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير وقتادة والنخعي، كما يأتي بيانه، وهذا خطأ بين.

قال القرطبي في تفسيره: (ولهو الحديث): الغناء في قول ابن مسعود وابن عباس وغيرهما. إلى أن قال: قال ابن عطية وبهذا فسر ابن مسعود وابن عباس وجابر بن عبد الله ومجاهد وذكره أبو الفرج بن الجوزي عن الحسن وسعيد بن جبير وقتادة والنخعي، ثم قال القرطبي قلت: هذا أعلى ما قيل في هذه الآية وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أنه الغناء روى سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري قال: سئل عبد الله بن مسعود عن قوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} فقال الغناء والله الذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات وعن ابن عمر أنه الغناء، وكذلك قال عكرمة وميمون بن مهران ومكحول. وروى شعبة وسفيان عن الحكم وحماد عن إبراهيم قال: قال عبد الله بن مسعود: الغناء ينبت النفاق في القلب. وقاله مجاهد وزاد أن لهو الحديث في الآية الاستماع إلى الغناء وإلى مثله من الباطل.، وقال الحسن: (لهو الحديث): المعازف والغناء، ثم ذكر القرطبي الأقوال الأخرى في تفسير الآية، ثم قال: قلت: القول الأول أولى ما قيل به في هذا الباب للحديث المرفوع وقول الصحابة والتابعين فيه. ا هـ.

الوجه الثاني: أن نقول وبما تقدم من ذكر من فسر {لَهْوَ الْحَدِيثِ} بالغناء من أجلاء الصحابة والتابعين يحصل الجواب عما نقله المؤلف عن ابن حزم من تفسيره الآية بما يخالف ذلك، فيقال من هو ابن حزم وما تفسيره بجانب هؤلاء وتفسيرهم حتى يقابله بهم؟ نقول هذا مع إجلالنا لابن حزم واعترافنا بمكانته العلمية، لكن لا نتابعه على خطأ، ولا نقدم قوله على قول من هو أجل منه، لا سيما من الصحابة والتابعين. قال العلامة ابن القيم: ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء، إلى أن قال: قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير من كتاب المستدرك: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل هو عند الشيخين حديث مسند، وقال في موضع آخر من كتابه هو عندنا في حكم المرفوع، وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل في كتابه، فعليهم نزل، وهم أول من خوطب به من الأمة، وقد شاهدوا التفسير من الرسول - صلى الله عليه وسلم - علما وعملا، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل. ا هـ من إغاثة اللهفان. وبه وبما قبله من القول تعلم أن تفسير (لَهْوَ الْحَدِيثِ) بالباطل دخل الغناء دخولا أوليا فيه، كما لا يخفى. والله أعلم.

هل يكون الغناء مقويا على طاعة الله؟

ثم نقل المؤلف عن ابن حزم أنه قال: (فمن نوى بالغناء عونا على معصية الله، فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء ومن نوى ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك على البر، فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعة، ولا معصية فهو لغو معفو عنه كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها، وقعوده على باب داره متفرجا، وصبغه ثوبه لازورديا أو أخضر أو غير ذلك) ا هـ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير