في ظل هذا المشهد تنطلق صيحة من صيحات الإنذار، إنها الهزة العنيفة لأولئك الذين يتساءلون في شكٍ، فلا مجال للتساؤل والاختلاف والفرصة ما تزال سانحة قبل أن تكون جهنم مرصاداً ومآبا، وهو عذاب يؤثر الكافر العدم على الوجود، {يا ليتني كنت ترابا}، وهو أهون عليه من مواجهة الموقف المرعب الشديد، هو الموقف الذي يقابل تساؤل المتسائلين وشك المتشككين في ذلك النبأ العظيم!!! (2).
علاقة الآيات بما قبلها:
إنذار للبشر بعد عاقبة الكافرين، وعاقبة المتقين، ليختار كل واحد ما يريد.
الفصل الثالث
أولا:-
أساليب القرآن في عرض موضوعاته من خلال دراسة السورة.
ثانيا:-
ثمرة الإيمان باليوم الآخر في الدنيا والآخرة في حياة المسلم.
أولا:-
أساليب القرآن في عرض موضوعاته من خلال دراسة السورة.
ويشتمل على
أولا: أسلوب الترغيب والترهيب والوعيد.
ثانيا: الوصف.
ثالثا: الاستفهام والتعجب والتفخيم.
رابعا: الاستدلال العقلي.
أولا: أسلوب الترغيب والترهيب:
لقد استخدم القرآن الكريم أسلوبي الترهيب والترغيب في هذه السورة حينما ذكر مشهد الطغاة في النار {إن جهنم كانت مرصادا، للطاغين مآبا .... }، وكذلك مشهد الترغيب حين ذكر مشهد التقاة في الجنة في قوله تعالى: {إن للمتقين مفازا، حدائق وأعنابا ... }، هذان الأسلوبان يجعلان الإنسان في حالة يقظة دائمة ومراقبة للنفس، واجتهاد على العمل وإيقاظ للهمم.
ثانيا أسلوب الوصف:
لقد استخدم القرآن الكريم أسلوب وصفي للمشاهد والصور حين ذكر مشهد يوم الفصل، في قوله تعالى: {إن يوم الفصل كان ميقاتا .... }، ومشهد العذاب بكل فوته وعنفه {إن جهنم كانت مرصادا .... }، ومشهد النعيم كذلك وهو يتدفق تدفقاً، {إن للمتقين مفازا .... }، كل هذا يعود بهم إلى النبأ العظيم (1).
ثالثا أسلوب الاستفهام والتعجب والتفخيم:
لم يكن السؤال في قوله تعالى: {عم يتساءلون} بقصد معرفة الجواب لهم، إنما للتعجب من حالهم وتوجيه النظر إلى غرابة تساؤلهم، بكشف الأمر الذي يتساءلون عن بيان حقيقته وصحته، عن النبأ العظيم لم يحدد ما يتساءلون عنه بلفظه إنما ذكر وصفه استطراداً في أسلوب التعجب والتضخيم وكان الخلاف عل اليوم الآخر بين الذين آمنوا به والذين كفروا به (2).
رابعا: أسلوب الاستدلال العقلي.
وخاصة مع أولئك الجاحدين المعاندين الذين لا تقبل نفوسهم النص، ونلحظه جليا في قوله
تعالى: {ألم نجعل الأرض مهادا .... }.
ثانيا:-
ثمرة الإيمان بالله واليوم الآخر في حياة المسلم.
1 - إن للأيمان باليوم اليوم الآخر أثرا عظيما في توجيه سلوك الإنسان في هذه الحياة الدنيا ذلك لأن الإيمان به، وبما فيه من حساب و ميزان، وثواب وعقاب وفوز وخسران، وجنة ونار له أعمق الأثر وأشده في سير الإنسان وانضباطه، والتزامه بالعمل الصالح وتقوى الله عز وجل.
2 - المسلم مطلوب منه أن يقدم على الحق، ليدفع الباطل، وأن يجعل نشاطه كله في الأرض عبادة لله، وبالتوجه في هذا النشاط كله لله، ولابد من جزاء العمل، وهذا الجزاء لا يتم في رحلة الأرض، فيؤجل الحساب الختامي بعد نهابة الرحلة كلها ... فلابد إذن من عالم آخر للحساب، وحين ينهار أساس الآخرة في النفس ينهار معه كل تصور لحقيقة هذه العقيدة وتكاليفها ولا تستقيم هذه النفس على طريق الإسلام أبداًُ (1).
3 - الإيمان باليوم الآخر له أثر في تحريك العواطف مثل الخجل والحياء من الله تعالى والخشية من لقائه وحسابه والرغبة في تجنب سخطه وغضبه، وفي الوصول إلى مرضاته ومحبته وهذه العواطف إذا بقيت متوقدة في النفس، كانت حافزا للإنسان على العمل فيما يرضي الله (2).
4 - الإيمان باليوم الآخر، يعلّم العبد كذلك أن شهوات الدنيا كلها لا تستحق منهم الطلب والجهد والتنافس فيها، وأن الذي يستحق إنما هو ما أعد لهم في ذلك اليوم العظيم (3).
5 - الإيمان باليوم الآخر يجعل المسلم يؤمن أنه مراقب من الملائكة المرافقين له، الذين يقومون بتدوين كل أفعاله الصغيرة والكبيرة، ويقول تعالى: {ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشوراً} (4).
6 - الإيمان باليوم الآخر يكون كذلك سببا في الإخلاص في العمل (1).
7 - الإيمان باليوم الآخر يكوّن في أعماق النفس دافعاً قويا إلى عمل الخير ومكافحة الشر، ويكون هذا الدافع أقوى من الجزاء الدنيوي (2).
¥