وحكم هؤلاء ألا يهاجروا ولا يقتلوا ولا تؤخذ منهم الجزية وأن يعرض على المستجير منهم الإسلام والقرآن فإن دخل فيه فذاك وإن أحب اللحاق بمأمنه ألحق به ولم يعرض له قبل وصوله إليه فإذا وصل مأمنه عاد حربيا كما كان) اه
وهذه الثلاثة الأصناف لا يجوز أيضا قتلهم سواء كانوا مدنيين أم عسكريين, وقد وردت الآيات والأحاديث والآثار الكثيرة في الدلالة على ذلك ومنها:
- قال تعالى في أهل الذمة: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ... حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)
- وقال تعالى في أهل العهد: (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين)
- وقال تعالى في أهل الأمان: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون)
- وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما) اه وأخرجه أحمد والنسائي بلفظ: (من قتل قتيلا من أهل الذمة ... )
- والحديث رواه أيضا أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصحح إسناده عن أبي بكرة, ورواه ابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة, ورواه النسائي وأحمد عن القاسم بن مخيمرة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم
- وروى أبو داود والترمذي عن سليم بن عامر قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم ليقرب، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس -أو برذون- وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدر، فإذا هو عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواء»، فرجع معاوية) اه
- وروى أبو داود عن صفوان بن سليم: عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن آبائهم، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نف، فأنا حجيجه يوم القيامة) اه
- وروى البخاري ومسلم عن أم هانئ أخت علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-، قالت: ... فلما انصرف فلت: يا رسول الله، زعم ابن أمي عليّ: أنه قاتل رجلا قد أجرته -فلان بن هبيرة- فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ) اه
- وفي موطأ مالك: (أن عمر بن الخطاب كتب إلى عامل جيش، كان بعثه: إنه بلغني أن رجالا منكم يطلبون العلج، حتى إذا أسند في الجبل وامتنع، قال رجل: «مترس» يقول: لا تخف، فإذا أدركه قتله، وإني-والذي نفسي بيده - لا أعلم مكان أحد فعل ذلك إلا ضربت عنقه!) اه
- وفي صحيح البخاري ومسلم: (عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل) اه ورواه مسلم عن أبي هريرة
- وروى الحاكم وصحح إسناده: (عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ذمة المسلمين واحدة، فإن جازت عليهم جائزة، فلا تخفروها، فإن لكل غادر لواء، يعرف به يوم القيامة) اه
- وروى ابن أبي شيبة أيضا: (قال أبو فرقد: كنا مع أبي موسى الأشعري يوم فتحنا سوق الأهواز، فسعى رجل من المشركين وسعى رجلان من المسلمين خلفه، فبينما هو يسعى ويسعيان إذ قال له أحدهما: مترس، فأخذاه فجاءا به وأبو موسى يضرب أعناق الأسارى حتى انتهى الأمر إلى الرجل فقال أحدهما: إن هذا قد جعل له الأمان، فقال أبو موسى: وكيف جعل له الأمان، قال: إنه كان يسعى ذاهبا في الأرض فقلت له: مترس، فقام: فقال أبو موسى: وما مترس؟ قال: لا تخف، قال: هذا أمان، خليا سبيله، فخليا سبيل الرجل) اه
- وروى ابن أبي شيبة: (عن مجاهد قال: قال عمر: أيما رجل من المسلمين أشار إلى رجل من العدو لان نزلت لأقتلنك، فنزل وهو يرى أنه أمان فقد أمنه. وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: كتب عمر إلى أمراء الأجناد: أيما رجل من المسلمين أشار إلى رجل من العدو: لئن نزلت لأقتلنك فنزل، وهو يرى أنه أمان فقد أمنه) اه
¥