- فإذا كان قول المسلم للكافر الحربي العجمي كلمة (لأقتلنك) بطريقة يرى الكافر أن المسلم يقصد بها الأمان يصير به الكافر آمنا؛ فكيف إذا كان المسلم يقول له بصريح العبارة: أنت آمن, وقد قرأت في بعض المواقع أن بعض المسلمين في بلد مسلم محتل قالوا لبعض المحتلين الكفار بعدما حاصروهم: سلموا أنفسكم وأنتم آمنون, فلما سلم المحتلون أنفسهم قتلهم المسلمون, وهذا حرام كما لا يخفى
مسائل مهمة تتعلق بالثلاثة الأصناف:
أولا: مسائل تتعلق بالذمي:
1 - إذا لم يأخذ وليُ الأمر الجزيةَ من أهل الذمة فلا يجوز أبدا أن تستحل دماؤهم لأجل ذلك, لأن الجزية قد تسقط عن أهل الذمة في بعض الحالات, ومنها عند استعدادهم للاشتراك في واجب الدفاع عن دار الإسلام, فقد:
- أعفى عتبةُ بن فرقد -عاملُ عمر على أذربيحان- من الجزية من اشترك من أهلها في الدفاع مع المسلمين, كما في تاريخ الطبري 5/ 250
- وأعفى سراقةٌ بن عمرو من الجزية أهلَ أرمينيا مقابل أن يقوموا معه ضد عدو المسلمين وأجازه بذلك عمر كما في تاريخ الطبري 5/ 256
- وأعفى سويدُ بن مقرن -القائد من قبل عمر- من استعان به من أهل جورجان من الجزية كما في تاريخ الطبري 5/ 254
- وأعفى حبيبُ بن مسلم الفهري -القائد من قبل أبي عبيدة- أهلَ أنطاكية من الجزية مقابل أن يكونوا أعوانا للمسلمين في نواحيهم كما في تاريخ الطبري 5/ 217, قال الشيخ عبد الكريم زيدان في كتابه أحكام أهل الذمة ص131: (في البلاد الإسلامية في الوقت الحاضر ذميون لا تؤخذ منهم الجزية في معظم الدول الإسلامية, ويمكن توجيه ذلك شرعا بأن يقال: الذميون في هذه الدول يشتركون مع المسلمين في الدفاع عن دار الإسلام, والمساهمة في هذا الواجب تسقط الجزية بعد وجوبها أو تمنع وجوبها أصلا كما رأينا في بعض النماذج التاريخية السابقة, فهم يؤدون الخدمة العسكرية ويساهمون في الدفاع عن الوطن) اه
2 - ولو فرض أن ولي الأمر قصر في أخذ الجزية من أهل الذمة مع قعودهم عن الدفاع فإن هذا لا يبيح دمائهم بلا شك, لأنهم لا يؤخذون بتقصير غيرهم (ولا تزر وازرة وزر أخرى) , نعم لأهل الحل والعقد حينئذ أن يوجهوا السؤال لولي الأمر ويقولوا له: لماذا لا تأخذ الجزية من أهل الذمة؟ فإن أبدا عذرا فذاك وإلا نصحوه بأن لا يقصر في ذلك, فإن استجاب فالحمد لله وإلا فيتحمل هو وزر ذلك ولا دخل لأهل الذمة في تقصيره, وتتصور المسألة في زماننا هذا في الكفار الذين يعيشون في بلاد الإسلام وقد كان آباؤهم يعيشون فيها مع دفع الجزية
3 - إذا امتنع الذمي عن أداء الجزية فإن ذلك لا يبيح دمه ولا ينتقض بذلك عهده في مذهب الحنفية وغيرهم خلافا للجمهور, قالوا: ويحمل امتناعه على العجز ولا ينتقض العهد بالاحتمال, كما في بدائع الصنائع 7/ 113 وفتح القدير4/ 380
4 - إذا حصل من الذمي تجسس فلا يستباح بذلك دمه في مذهب الجماهير من أهل العلم, ففي شرح النووي على مسلم 12/ 67: (وأما الجاسوس المعاهد والذمي فقال مالك والأوزاعي: يصير ناقضا للعهد, فإن رأى استرقاقه أرقه ويجوز قتله, وقال جماهير العلماء: لا ينتقض عهده بذلك قال أصحابنا: إلا أن يكون قد شرط عليه انتقاض العهد بذلك) اه
5 - قتل الذمي للمسلم وزناه بالمسلمة كرها وتعرضه للدين بالإساءة كل ذلك لا ينتقض به عهده في مذهب الحنفية وغيرهم خلافا للجمهور, وإنما يعامل بحسب ما يقتضيه عمله من غير أن ينتقض بذلك عهده, وانظر بدائع الصنائع 7/ 113 وفتح القدير4/ 380, وإذا حصل العكس فقَتلَ المسلمُ ذميا فإنه يقتل به في مذهب الحنفية أيضا خلافا للجمهور
6 - حكم الحاكم واختيار ولي الأمر يرفع الخلاف فيما يتعلق بالمسائل المختلف فيها بن أهل العلم في التعامل مع أهل العهد وأهل الذمة والمستأمنين, وفي غيرها من المسائل, كما هو مقرر عند أهل العلم, قال القرافي في الفروق2/ 103: (اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه على القول الصحيح من مذاهب العلماء) اه
ثانيا: مسائل تتعلق بالمستأمن:
1 - المستأمن لا يمكِن أن يعيش بصفة الأمان في بلاد الإسلام إلى الأبد, وإلا لبطلت عقود الذمة والجزية, وقد اختلف أهل العلم في الفترة التي يجوز لولي الأمر أن يعطيها للمستأمن:
¥