- ولما اخترط الأعرابي السيف على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأراد قتله ثم سقط السيف من يده وأخذه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقتله بل دعاه للهداية وقال له: أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله, ولما لم يقبل الأعرابي الهداية لم يقتله صلى الله عليه وآله وسلم بل تركه يذهب لقومه حتى ينقل لهم الأخلاق المحمدية التي رآها, والقصة في الصحيحين
- ولما كان أبو جهل وعمر بن الخطاب -قبْل إسلامه- لا يألوان جهدا في محاربة الإسلام والمسلمين, كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يديه ويدعو: (اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين) اه رواه الترمذي وصححه
- ولما أسر المسلمون ثمامة بن أثال الحنفي -وقد ذكر بعض أهل السير أنه كان ذاهبا لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم- لم يقتله النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل تركه في المسجد ثلاثة ليال حتى يرى حقيقة الإسلام وصفات المسلمين لتدخل الهداية في قلبه وقد حصل ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم, والقصة بطولها في الصحيحين
- وعندما سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحضور الموت عمَه أبا طالب سارع في زيارته لعرض الإسلام عليه وحزن عليه لما لم يقبل الإسلام كما في صحيح البخاري
- ولما سمع بحضور الموت الغلامَ اليهودي سارع في زيارته لعرض الإسلام عليه, ولما أسلم الغلام فرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار) كما في صحيح البخاري
- وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا بعث جيوشه أو سراياه قال لهم: تألفوا الناس ولا تغيروا على حي حتى تدعوهم إلى الإسلام, فوالذي نفس محمد بيده ما من أهل بيت من وبر ولا مدر تأتوني بهم مسلمين إلا أحب إلي من أن تأتوني بنسائهم وأبنائهم وتقتلون رجالهم) اه رواه الحارث في مسنده 2/ 661
- ولما مات ابن سلول تمنى النبي صلى الله عليه وآله وسلم له الرحمة والمغفرة مع ما كان يكيد به للإسلام والمسلمين ورسول المسلمين فكفنه بثوبه الشعار وصلى عليه ودفنه واستغفر له حتى آيسه ربه بقوله: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ... ) والقصة في صحيح البخاري
- ولما بعث صلى الله عليه وآله وسلم سيدنا عليا رضي الله عنه لأهل خيبر قال له: (لئن يهدي بك الله رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) رواه البخاري, وكأنه يقول له: لا يكن همك الغنائم من الإبل وغيرها بل ليكن همك هداية الناس, هذا مع كون أهل خيبر من اليهود المعاندين الحاقدين الحاسدين ..
- ولو ذهبنا نعدد النماذج والأمثلة على ذلك من السيرة النبوية وسيرة الصحابة رضي الله عنهم لطال بنا المقام و فيما ذكرناه الكفاية وزيادة, (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)
والآن بعد هذا التمهيد نعود للمراد فنقول:
أهل الحرب أو الحربيون: هم غير المسلمين الذين لم يدخلوا في عقد الذمة, ولا يتمتعون بأمان المسلمين ولا عهدهم, وانظر الموسوعة الفقهية الكويتية: 7/ 105, فكل من ليس بذمي ولا معاهد ولا مستأمن فهو من أهل الحرب سواء كان مدنيا أو عسكريا, وعليه فليست كلمة حربي ترادف كلمة عسكري بل المدنيون من أهل الحرب هم أيضا أهل حرب, ولكن المدنيين من أهل الحرب؛ فيهم أصناف لا يجوز قتلهم باتفاق العلماء, وفيهم أصناف لا يجوز قتلهم على خلاف بين العلماء, وفيهم أصناف يجوز قتلهم باتفاق العلماء, وقد تقدم أن حكم الحاكم واختيار ولي الأمر يرفع الخلاف
وسنذكر أصناف من لا يقتل من أهل الحرب وما ورد فيهم من أحاديث وآثار
ثم نعقب بذكر حكم هذه الأصناف عند الفقهاء:
أولا: النساء والصبيان:
في صحيح البخاري 423/ 1, ومسلم 84/ 2: (عن ابن عمر أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقتولة فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل النساء والصبيان) اه. وفي لفظ للشيخين: (فأنكر قتل النساء والصبيان) اه
وأخرج مالك في الموطأ 3/ 166بشرح الزرقاني: (عن ابن شهاب عن ابن لكعب بن مالك قال: حسبت أنه قال عن عبد الرحمن بن كعب أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين قتلوا ابن أبي الحقيق عن قتل النساء والولدان, قال: فكان رجل منهم يقول: برحت بنا امرأة ابن أبي الحقيق بالصياح فأرفع السيف عليها ثم أذكر نهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأكف ولولا ذلك استرحنا منها) اه ورواه الشافعي في الأم 4/ 152
ثانيا: العسفاء (الأجراء):
¥