فلا خلاف بين أهل العلم من المذاهب الأربعة في حرمة قتلهم, بل حُكي الإجماع على ذلك, قال النووي في شرحه على مسلم 12/ 48: (أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث وتحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا, فإن قاتلوا قال جماهير العلماء: يقتلون) اه
وهناك قول ضعيف خارج المذاهب الأربعة بجواز قتلهم قال الحافظ في فتح الباري 6/ 148: (واتفق الجميع كما نقل بن بطال وغيره على منع القصد إلى قتل النساء والولدان, أما النساء فلضعفهن وأما الولدان فلقصورهم عن فعل الكفر, ولما في استبقائهم جميعا من الانتفاع بهم أما بالرق أو بالفداء فيمن يجوز أن يفادى به, وحكى الحازمي قولا بجواز قتل النساء والصبيان على ظاهر حديث الصعب وزعم أنه ناسخ لأحاديث النهي وهو غريب) اه
وأما من عدا النساء والصبيان:
- فالحنفية: لا يجيزون قتل الأصناف التالية: المرأة والصبي والشيخ الفاني والمقعد واليابس الشق والأعمى ومقطوع اليد والرجل من خلاف ومقطوع اليد اليمنى والمعتوه والراهب في صومعة والسائح في الجبال الذي لا يخالط الناس ومن في دار أو كنيسة ترهبوا وطبق عليهم الباب
- والمالكية: لا يجيزون قتل الأصناف التالية: المرأة والصبي والمعتوه والشيخ الفاني والزمن والأعمى والراهب المنعزل بدير أو صومعة بلا رأي, ولهم خلاف في الأجراء والحراثين وأرباب الصنائع لكن المشهور عندهم هو عدم جواز قتلهم
- والشافعية: لا يجيزون قتل الأصناف التالية: الصبي والمجنون ومن به رق والمرأة والخنثى المشكل
- والحنابلة: لا يجيزون قتل الأصناف التالية: الصبي والشيخ والمرأة والأعمى والراهب والعبد والزمن والأعمى
وهذه بعض أقوال العلماء من المذاهب الأربعة
في حكم قتل تلك الأصناف
من أقوال الحنفية في ذلك
قال الكاساني في بدائع الصنائع 6/ 63: (أما حال القتال فلا يحل فيها قتل امرأة ولا صبي ولا شيخ فان ولا مقعد ولا يابس الشق ولا أعمى ولا مقطوع اليد والرجل من خلاف ولا مقطوع اليد اليمنى ولا معتوه ولا راهب في صومعة ولا سائح في الجبال لا يخالط الناس وقوم في دار أو كنيسة ترهبوا وطبق عليهم الباب ... لأن هؤلاء ليسوا من أهل القتال فلا يقتلون) اه وانظر نحو ذلك في الجوهرة النيرة 2/ 259 من كتب الحنفية
من أقوال المالكية في ذلك
في شرح عليش على خليل (منح الجليل) 3/ 145 - 147: (وإذا قدر عليهم (قتلوا) أي جاز قتلهم (إلا) سبعة فلا يجوز قتلهم (المرأة) فلا تقتل في حال (إلا في مقاتلتها) فتقتل إن قتلت بسلاح أو حجارة أسرت أم لا ... (و) إلا (الصبي) [غير] المطيق للقتال, فيقال: إلا أن يقاتل فكالمرأة ... (و) إلا (المعتوه) أي ضعيف العقل. سحنون: والمجنون والمختل العقل وشبههم, وشبه في منع القتل فقال: (كشيخ فانٍ) أي لا بقية فيه للقتال, ولا للتدبير (وزمن) بكسر الميم أي مقعد أو أشل أو مفلوج أو مجزم أو نحوهم (وأعمى) وأعرج (وراهب منعزل) عن الكفار (بدير) بفتح الدال وسكون المثناة (أو صومعة) ... (بلا رأي) قيد في منع قتل الشيخ ومن بعده, ولذا فصله بالكاف عما قبله ...
(والراهب والراهبة) المنعزلان بدير أو صومعة بلا رأي (حران) فلا يؤسران ولا يسترقان عند الإمام مالك رضي الله تعالى عنه, وقال سحنون: تسترق الراهبة ... ) اه ونحوه في شرح الخرشي على خليل 3/ 112 وفي شرح الدردير على خليل 2/ 176
من أقوال الشافعية في ذلك
قال الشربيني في مغني المجتاج 4/ 220: (ويحرم عليه قتل صبي ومجنون ومن به رق وامرأة وخنثى مشكل للنهي عن قتل الصبيان والنساء في الصحيحين وألحق المجنون بالصبي والخنثى بالمرأة لاحتمال أنوثته) اه
وقال أيضا: (ويحل قتل راهب وأجير ومحترف وشيخ ولو ضعيفا وأعمى وزمن ومقطوع اليد والرجل وإن لم يحضروا الصف ولا قتال فيهم ولا رأي في الأظهر لعموم قوله تعالى:" اقتلوا المشركين" ولأنهم أحرار مكلفون فجاز قتلهم كغيرهم, والثاني المنع لأنهم لا يقاتلون فأشبهوا النساء والصبيان) اه
وفي الأحكام السلطانية 1/ 69: (ويجوز للمسلم أن يقتل من ظفر به من مقاتلة المشركين محاربا وغير محارب واختلف في قتل شيوخهم ورهبانهم من سكان الصوامع والأديرة، فأحد القولين فيهم: أنهم لا يقتلون حتى يقاتلوا لأنهم موادعون كالذراري. والثاني: يقتلون وإن لم يقاتلوا لأنهم ربما أشاروا برأي هو أنكى للمسلمين من القتال، وقد قتل دريد بن الصمة في حرب هوازن) اه
¥