تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال الشيخ الزحيلي في كتابه آثار الحرب ص480: (المحاربون: هم كل من نصب نفسه للقتال بطريق مباشر أو غير مباشر وذلك كالجنود الإجباريين والمتطوعين ... أما المدنيين الذين ألقوا السلاح وانصرفوا إلى أعمالهم وكل من له صفة حيادية عن معاونة العدو كالملحقين العسكريين الأجانب ومراسلي الصحف ورجال الدين التابعين للقوات الحربية فهؤلاء لا يعتبرون محاربين يهدر دمهم) اه

المخرج الشرعي حتى لا يقتل من عدا الأصناف السابقة من المدنيين؟

على القول بجواز قتل من عدى الأصناف السابقة من أهل دار الحرب فالمخرج الشرعي للمنع من قتلهم هو أن يُصدر قائد الجيش أمرا بالكف عمن يرى في الكف عن قتله مصلحة, وقد تقدم معنا قول ابن حزم في المحلى 7/ 298: (وأما قول جابر: لم يكونوا يقتلون تجار المشركين, فلا حجة لهم فيه, لأنه لم يقل: إن تركهم قتلهم كان في دار الحرب. وإنما أخبر عن جملة أمرهم، ثم لو صح مبينا عنه لما كان لهم فيه متعلق لأنه ليس فيه نهى عن قتلهم وإنما فيه اختيارهم لتركهم فقط) اه

وقال الإمام الشافعي في الأم 4/ 335: (ويترك قتل الرهبان وسواء رهبان الصوامع ورهبان الديارات والصحارى وكل من يحبس نفسه بالترهب تركنا قتله اتباعا لأبي بكر رضي الله تعالى عنه, وذلك أنه إذا كان لنا أن ندع قتل الرجال المقاتلين بعد المقدرة وقتل الرجال في بعض الحالات لم نكن آثمين بترك الرهبان) اه

قال الدكتور خير هيكل في كتابه الجهاد والقتال ص1269: (ويفهم من هذا أن لولي الأمر أن يمنح الحماية من القتل لفئات من بلاد الأعداء يجوز في الأصل أن يوجه عليهم السلاح كغيرهم من أهل الحرب) اه

وقال الدكتور أيضا ص1268: (لصاحب السلطة الحق في أن يصدر أمرا للجيش أن لا يتعرضوا بالقتل لأشخاص معينين بذواتهم أو بأوصاف محددة تميزهم عن غيرهم وذلك إما بناء على مصلحة يراها في ذلك وإما بناء على اتفاقية دولية أو ثنائية ارتبطت بها الدولة الإسلامية مع غيرها من الدول

ومثل هذا التصرف إنما هو من باب الأمان الذي تمنحه السلطة الإسلامية المخولة بذلك لأفراد أو لجماعات من البلاد المعادية, هذا وينبغي أن يحاط هذا الأمر بشروط واحتياطات تحول دون استغلاله من قبل الأعداء في الإضرار بالمسلمين

وبناء على ذلك فإن الجيش الإسلامي أثناء اشتباك القتال مع جيش الأعداء أو حين اجتياحه لبلادهم يحرم عليه أن يتعرض بالقتل المقصود لأولئك الأشخاص من الأعداء الذين صدر الأمر بعدم قتلهم سواء أكانوا من المراسلين والمصورين الذين يتواجدون في ساحات المعارك في الحروب الحديثة أم كانوا من السياسيين أو من أهل العلم أو من العمال الصناعيين أو ممن يشتغلون بالمستشفيات من مرضى وأطباء أو من الأفراد العاديين أو غير ذلك على حسب الأوامر الصادرة في هذا الخصوص) اه

ولكن بقي إشكال آخر:

وهو أن الأصناف السابقة جميعهم (النساء والصبيان ... إلخ) وإن لم يجز قتلهم فإنهم يؤسرون ويكونون ضمن الغنائم, ومن عدا النساء والصبيان منهم فإن الإمام مخير فيهم بين الاسترقاق والفداء والمن والقتل بحسب المصلحة, أما النساء والصبيان فإنهم يسترقون قال ابن عابدين في حاشيته 4/ 138: (فلا تقتل النساء ولا الذراري بل يسترقون لمنفعة المسلمين) اه

وقد اختلف أهل العلم في: هل للحاكم أن يفادي بالنساء والصبيان أم لا؟:

فمذهب الحنفية:

أنه لا يفادى بهم إلا لضرورة ففي شرح الحصكفي 4/ 139: (قال الشُمني: واتفقوا أنه لا يفادى بنساء وصبيان وخيل وسلاح إلا لضرورة) اه

ومذهب المالكية:

أنه يمكن أن يفادى بهم بالنفوس دون المال, قال الحطاب في مواهب الجليل (شرح مختصر خليل) 3/ 359: (النظر في الأسرى بقتل أو من أو فداء أو جزية أو استرقاق) ... وأما الرجال فالإمام مخير فيهم بين خمسة أوجه: المن والفداء والقتل والجزية والاسترقاق, فأي ذلك رأى أحسن نظر فعله ... وأما الذراري والنساء فليس إلا الاسترقاق والمفاداة بالنفوس دون المال) اه

وقال الدردير في شرحه على خليل 2/ 184: (وهذه الوجوه بالنسبة للرجال المقاتلة, وأما النساء والذراري فليس فيهم إلا الاسترقاق أو الفداء) اه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير