تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وما من أحد ادعى النبوة من الكذابين إلا وقد ظهر عليه من الجهل والكذب والفجور واستحواذ الشياطين عليه ما ظهر لمن له أدنى تمييز وما من أحد ادعى النبوة من الصادقين إلا وقد ظهر عليه من العلم والصدق والبر وأنواع الخيرات ما ظهر لمن له أدنى تمييز فإن الرسول لا بد أن يخبر الناس بأمور ويأمرهم بأمور ولا بد أن يفعل أمورا والكذاب يظهر في نفس ما يأمر به ويخبر عنه وما يفعله ما يبين به كذبه من وجوه كثيرة والصادق يظهر في نفس ما يأمر به وما يخبر عنه ويفعله ما يظهر به صدقه من وجوه كثيرة بل كل شخصين ادعيا أمرا من الأمور أحدهما صادق في دعواه والآخر كاذب فلا بد أن يبين صدق هذا وكذب هذا من وجوه كثيرة إذ الصدق مستلزم للبر والكذب مستلزم للفجور". اهـ

فذلك من رحمة الرب، جل وعلا، بالنوع الإنساني لئلا يلبس عليهم كاذب أمر دينهم، فقد حفظت الحجة الرسالية من الإبطال أو المعارضة، برسم الحفظ الكوني العام، فـ: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، فلم يحفظ البشر رسالات استحفظوا عليها قبل نزول الرسالة الخاتمة، فـ: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ)، فذلك التكليف الذي هجروه، فـ: (وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)، ولم يحفظ الإنجيل بما أقحم فيه من مقالات علمية باطلة، وما رفع منه من أحكام شرعية، فصير رءوس التثليث دينهم بلا شريعة، فجوزوا بل أوقعوا النسخ لأصول أخبار وأحكام اتفقت على إحكامها النبوات فلا يجوز شرعا أو عقلا، نسخها، فذلك طعن في خبر الوحي بالتكذيب والتناقض، وحكمه بنسخ قبح ما أجمعت الشرائع والعقول على قبحه كالخمر!، بل قد صار احتساؤه قربة شرعية يتحول فيها في معي الشارب إلى دم الإله المصلوب برسم الفداء فيصير الجسد مقدسا بذلك التحول الكيميائي والتمثيل الغذائي الذي لم يسبق له مثيل وليس له في علم وظائف الأعضاء نظير!، فلم يعهد في دنيا البشر تمثيل الخمر وما تحويه من كحول إيثيلي تمثيلا غذائيا إعجازيا في بطن النصراني فقط!، يصيره دما مقدسا!، فشريعتهم شريعة مرفوعة برسم التحريف والتبديل والنسخ تبعا لهوى الناسخ فقد تعمد كهان الديانة كتمانها أو محوها أو تبديلها ..... إلخ، ليصير التابع مقلدا أعمى، لا يتلقى دينه إلا عن الكاهن الذي يمارس عليه هيمنة روحية برسم الطغيان، فذلك أثر من آثار طغيان الكنيسة التي نازعت العرش سياسة الشعوب برسم الإذلال والقهر، فيقهر الإمبراطور الأبدان بسيفه، ويقهر الكاهن النفوس وأخيرا الأبدان أيضا!، يقهرها بأسراره التي لا تحصل النجاة إلا بتصديقها ولو كانت محالات ذاتية لا تأتي بها رسالة سماوية، فلم تأت الرسالات لتنقض ناموس العقل الصريح فضلا عن ناموس الوحي، فالأنبياء يصدق بعضهم بعضا، وتجويز صحة مثل هذه الأساطير الدينية المتلقاة من الديانات الوثنية القديمة، تجويز ذلك تكذيب صريح لأخبار النبوات التي جاءت برسم الصدق، وأحكامها التي جاءت برسم العدل.

وتلك سمة ظاهرة في كل ملة أو نحلة باطلة فلا بد من تقييد الأتباع بمعظم من البشر غير النبي الذي يدعي أولئك الانتساب إليه، فلا بد من مرجعية تباين مرجعية الوحي الذي يكشف زيف مقالاتهم، فلا يحسن في حق التابع أن يسير في طريق النجاة بمفرده لئلا تصيبه الوحشة!، فلا يسير إلا برفقة من يأمر وينهى بلا مستند إلا هواه وذوقه، فما استحسنه فإنه يصير دينا واجب الاتباع فلا نجاة إلا بانتحاله، ولو نقض ما نقض من عرى الوحي، وانتقص ما انتقص من قوى العقل بتجويز صيرورة جملة من التخاريف: دينا معظما، فلا بد أن يقدح أولئك في نقل الوحي وقياس العقل فلا تسلم مقالتهم من نقض لضرورات دينية وعقلية، فذلك، أيضا، من رحمة الرب، جل وعلا، فقد أبان عوارهم بمنطوق لسانهم الكاذب وحالهم الفاسد فلا ينفكون عن فساد في المقالة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير