تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والظاهرة الأدبية الواحدة، يمكن أن تتجلى من بعض الجوانب، باعتبارها، نصا، ويمكن أن تتجلى من جوانب أخرى، باعتبارها نسقا، يحل شفرة النصوص التي تحتل مستوى أدنى. ومن الخطأ إقامة تناقض حاد بين مفهومي النص، والنسق. كما يستحيل حل شفرة النص الأدبي، دون علم بمفاتيح هذه الشفرة، فالنص والبنية يتبادلان التأثير كل في الآخر، ولا يمكن أن يتحققا، إلا ضمن هذه العلاقة التبادلية.

ثالثا:

اللغة مادة الأدب، فاللغة تمثل القوام المادي، تماما مثلما يمثل اللون بالنسبة للرسم، والحجر بالنسبة إلى النحت، والصوت بالنسبة للموسيقى، لكن طبيعة «المادية» في اللغة، تختلف عن المواد في الفنون الأخرى، فاللون والحجر، يظل خاملا من الناحية الاجتماعية، حتى يقع في يد الفنان. أما اللغة، فتمثل مادة من نوع خاص، وتتميز بفاعلية اجتماعية عالية، حتى من قبل أن تطولها يد الشاعر. وتعرف (اللغة) بأنها: «جهاز الإبلاغ الإشاري، الذي يحمل وينقل المعلومة».وفي قلب اللغة، يقع مفهوم «العلامة _ الإشارة» بوصفه العنصر الأكثر أهمية: «العلامة ذات جوهر ثنائي، تتجسد في تعبير مادي معين، يمنحها منظورها الشكلي، فهي تتمتع داخل حدود لغتها، بمعنى ما يكون ما يسمى مضمون تلك العلامة». وتقوم العلامة دائما على الاستبدال، ففي حركة العلاقات الاجتماعية، تتجلى باعتبارها بديلا للجوهر الذي تمثله. أما علاقة البديل بالمبدل منه، أو علاقة العبارة بالمحتوى، فتمثل، ما يسمى بـ «دلالة الرمز أو العلامة»، ولأن الدلالة، هي باستمرار، موقف ما، فإن العبارة والمحتوى لا يمكن أبدا أن يتجانسا، أو أن يكونا نفس الشيء.

وإذا لم يكن بين العبارة والمحتوى، وجه مشترك، وكان تطابقهما لا يتحقق إلا في حدود اللغة التي ينتميان إليها -كالتطابق بين الكلمة والموضوع الذي تشير إليه- فإن العلامة في هذه الحالة تسمى علامة اصطلاحية. أما إذا كان بين العبارة والمحتوى، وجه شبه ما (الشبه بين رقعة الأرض، والخريطة الجغرافية التي تمثلها) أو بين الوجه واللوحة التي رسمت له، أو بين الإنسان وصورته الفوتوغرافية، فإن العلامة في هذه الحالة، تسمى علامة أيقونية، أو تصويرية، لكن مفهوم التشابه، يخضع للمسلمات الثقافية السائدة. ولا توجد الرموز أو العلامات في اللغة، وكأنها تراكم آلي لكيانات مستقلة بذاتها، ولا صلة بينها، بل هي على العكس، تشكل نسقا أو نظاما، ذلك أن اللغة نظامية بطبعها، وهي تتحقق ضمن قواعد معينة، وهذه القواعد، هي التي تحدد علاقة العناصر فيما بينها.

واللغة، بنية تدريجية، فهي تتوزع إلى عناصر من مستويات مختلفة. وعلم اللغة يميز بين هذه المستويات: الصوتية، والصرفية، والمعجمية، والتركيبية، وما فوق التعبيرية. وتنظيم عناصر اللغة، يسمى الموقعية. ولكي تشكل الوحدات اللغوية المختارة، سياقا صحيحا، من وجهة نظر اللغة التي تنتمي ليها، فمن الضروري أن تنسق الكلمات فيما بينها، وأن تنسق الوحدات التركيبية، وتنظيم اللغة على هذا النحو يسمى السياق. ومن ثم، فإن كل نص، إنما، يتم تنسيقه في محورين: محور انتخابي، أو موقعي ومحور تركيبي، أو سياقي. وانطلاقا من ذلك، فنحن نميز في كل نظام اتصالي بين منظوره البنيوي الثابت، والذي يسمى -حسب دي سوسير- باللغة، وبين إحداثياته المتغيرة عبر النصوص المختلفة، والتي تعرف بالكلام. ونجد هذه التفرقة في مصطلحات المعلوماتية:] الرمز الشفري، Code - اللغة - والبلاغ = الكلام]. وتتوازن علاقة اللغة بالكلام مع علاقة النظام بالنص. وهنا يتسع مفهوم اللغة:

اللغات الطبيعية: اللغة الروسية، اللغة التشيكية، اللغة البلغارية، وغيرها من المصطلحات.

اللغات المصطنعة: هي الأنظمة الإشارية التي يبدعها الإنسان، وتستخدم في مجالات تخصصية ضيقة من النشاط البشري: الإشارات المستخدمة في علوم الجبر والكيمياء، ونظام الإشارات في الشوارع.

الأنظمة النموذجية الثانوية: هي الأنظمة السيميائية المبنية على أساس اللغة الطبيعية، ومنها: الطقوس، مجموعات التواصل الإشاري الاجتماعية والفنية، وهي تندرج في كل سيميائي، مركب وموحد، هو الثقافة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير