تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما علاقة اللغة الطبيعية بلغة الشعر، فتتحدد في ضوء ما نلحظه من تعقيد في علاقة اللغات الأولية والثانوية، داخل كل مركب موحد، ممثل في ثقافة ما. ومن ثم، فإن تأثير اللغة القومية في تشكيل الأنظمة النموذجية الثانوية، هو حقيقة واقعية لا تحتمل الجدل، وبخاصة فيما يتعلق بوجودها في الشعر. لذلك كله يجب أن تتميز لغة الأدب عن لغة الحياة اليومية، وأن تتميز لغة الأدب عن لغة الاتصال والإخبار.

رابعا: "الشكل الطبيعي للكلام البشري المنظم، هو النثر" كما يقول الشكلاني توماشيفسكي. أما القول الشعري، فينظر إليه، باعتباره، ظاهرة أخرى ذات بنية، أشد تعقيدا. وينطلق التحليل البنيوي من حقيقة أن الطريقة الأدبية، ليست عنصرا ماديا في النص، وإنما موقف. ولهذا، يوجد فارق جوهري بين حالتين: الأولى: غياب القافية عن شعر لم يفطن بعد إلى إمكانات وجودهة (شعر الملاحم)، أو شعر لم يعد يحتذيها، فيكون غياب القافية عنه، داخلا ضمن توقع المتلقي (الشعر المرسل). أما الحالة الثانية: غياب القافية عن بيت أو أكثر في شعر يعتبر القافية، ضمن الظواهر الخاصة بالنص الشعري. فالنظرية الشكلانية الوصفية في فن الشعر، تشبه شخصا يكتفي بالملاحظة والتسجيل [وصف الشخص العاري]. أما النظرية البنيوية في الشعر، فهي تنطلق من مفهوم أن الظاهرة الملحوظة ليست إلا واحدا من مكونات الكل المركب [الشخص العاري في حوض الاستحمام، ليس معادلا لنظيره العاري في محفل اجتماعي.] فغياب الثياب في الحالة الأولى، يعتبر ملحظا عاما، لا يدل بذاته على شيء مما يميز الشخص الماثل، كذلك، فإن تمثال أبوللو في المتحف لا يبدو عاريا. كما أن النثر الفني، ظاهرة متأخرة من الناحية الزمنية عن الشعر. والحديث الدارج = النص، أما النثر الفني، فهو، = النص + طريقة الأداء الشعري لكلام اصطلاحي. وفي مراحل معينة من التطور الأدبي، ينقلب الموقف رأسا على عقب، فيصبح الشعر، هو الذي يتلقى على أساس من النثر.

ونلاحظ أن _ البساطة الفنية في ضوء التحليل البنيوي، تتجلى باعتبارها نقيضا للبدائية والفطرية. فالبساطة الفنية، أكثر تعقيدا من التعقيد الفني ذاته، وأكثر تعقيدا من ظاهرة الزخرفة. والنثر الفني، لم ينشأ إلا على أساس نظام شعري معين، يكون هذا النثر الفني، وكأنه رفض له. كما أن إقامة حدود بين الشعر والنثر، يصطدم بوفرة الأشكال الفنية المتوسطة بين طرفي الشعر والنثر. لهذا، من المشروع أن نتحدث عن ظواهر أكثر أو أقل نثرية، مثلما هو مشروع أن نتحدث عن ظواهر أكثر أو أقل شاعرية. لهذا يفضل أن نتجه ونلتفت إلى أكثر الأشكال النمطية تعبيرا عن حقيقة كل من الشعر والنثر.

ويستشهد لوتمان بكلام الباحث الفرنسي باري أوبنجاون، الذي ينطلق من تصور مؤداه، أن الشعر كلام منظم مرتب، وبالتالي، فهو كلام غير حر، ومن ثم، فإن مصطلح الشعر الحر، يعتبر من المغالطات المنطقية. وينضم إليه الناقد البلغاري _ م. ياناكييف] الشعر البلغاري، 1960 الذي يقول:] إن الشعر الحر Vers Libre ، لا يمكن أن يكون موضوعا للدراسة الشعرية. على اعتبار أنه لا يكاد يتميز بشيء عن الكلام العادي، ومن ناحية أخرى، فإن على دارس الشعر أن يشغل نفسه، بالشعر غير الحر [، فهو، أي، ياناكييف، يستشهد بقصيدة الشاعرة البلغارية إليزافيتا باغريانا "المهرج يتحدث، ويعلق عليها بقوله:] إن الانطباع العام هنا، يشبه ذلك الذي يتولد من النثر الفني، وأصوات القوافي المتشابهة، ليست كافية لتحويل مثل ذلك النص إلى شعر]. كذلك يقول الفرنسي جوزيف غراباك، فيرى أن الشعر والنثر ثنائي بنيوي ذو حدين متعارضين، ومثل هذه العلاقة التعارضية، ليست دائما على إطلاقها، ولا يمكن أن نسقط من اعتبارها العناصر اللانصية في البنية الفنية. ورغم أن غراباك يعتقد أن بنية الشعر، وبنية النثر، تنمازان، انميازا حادا في وعي المتلقي، إلا أنه يقول: «طكلما قلت في الشكل الشعري تلك العناصر التي تميز الشعر عن النثر، اشتدت الحاجة إلى توكيد حقيقة أننا لسنا بإزاء نثر، وإنما بإزاء شعر على وجه الخصوص. ومن ناحية أخرى، فإن ثمة أبياتا من قصائد مكتوبة في إطار الشعر الحر، يمكن إذا اقتطعت من سياقها، أن تتلقى، بوصفها، نثرا». ويواصل لوتمان تعليقه: هناك جزء من البنية الفنية الواقع خارج النص، يمكن اعتباره _ مكونا فعليا، شديد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير