تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي قضى على كثير من الخرافات والبدع التي كانت تسود المجتمعات الإسلامية عامة، والصوفية خاصة، كان وقافاً عند حدود الشرع الحنيف لا يتعداه، ولا يسمح لأحد أن يتعداه.

أما أمه، فكانت امرأة صالحة، ولكنها ما لبثت أن رحلت عن هذه الحياة وهو في الثالثة من عمره فعاش كسير القلب بعد أن فقد حنان الأم الذي لا يعوضه أي حنان آخر، وكان شيخنا الولد الثاني للشيخ علي.

تعليمه:

بدأ طلبة للعلم في (الكتاب) أولاً، ثم انتقل إلى مكتب المقرئ الشيخ عزو العرقسوسي، وأتقن قراءة القرآن الكريم على يديه، ثم انتقل إلى المدرسة التجارية، وأمضى فيها ست سنوات وحفظ الكثير من المتون التعليمية في الفقه والنحو، وكان فيها من المبرزين المتفوقين، الأمر الذي حدا بمدير المدرسة إلى تعيينه معلماً فيها، ولم يزل فتى يافعاً.

وفي الثانية عشرة من عمره المبارك، انتقل إلى حلقات أبيه في جامع السادات، وجامع السنانية، والمدرسة السيبائية، وتلقى فيها العلوم الشرعية، وعلوم اللغة العربية من نحو، وصرف، وبلاغة، وعروض، وفقه، وحديث، وتفسير وأصول.

ثم أقبل على التهام هذه العلوم بجد وأضاف إليها كتب اللغة والأدب، فدرس كتاب الكامل للمبرد، والأمالي لأبي علي القالي، وكتب الجاحظ والمزهر في علوم اللغة للسيوطي، ثم عرج على كتب الأدب الحديث فقرأ للمنفلوطي، والزيات، والعقاد، وأفاد من بعض الأدباء، اللغويين في دمشق، كالأستاذين: التنوخي، والنكدي مع أن أباه كان له رأي في كتب الأدب، وخاصة الحديث منه، فكان ينهى أولاده وتلاميذه عنها، لما يرى فيها من انحراف وإضاعة وقت، ولهذا عندما علم أن ولده عبدالغني يقرأ (النظرات) وسواها للمنفلوطي زجره وكان يغضب عليه، ولكن غرام الفتى عبدالغني بالأدب وكتبه قد بلغ منه مبلغ العشق، حتى إنه قرأ (الكامل) على الأستاذ عز الدين التوخي ثم قرأه مع الشيخ حسن حبنكة، ثم حفظه مع شروحه وشواهده، وكانت شواهده حاضرة في ذهنه، يستشهد بما في كتاباته ومجالسه العلمية، وفي تدريسه لطلابه الكثر.

وقرأ (أمالي) القالي على العلامة اللغوي الكبير الشيخ عبد القادر المغربي، وقرأ المعلقات وشروحها وسواها من أمات الكتب التي تتحدث عن الأدب الجاهلي، والإسلامي والعباسي، وحفظ الكثير منها ومن شواهدها ونوادرها وطرائفها، فكان مكتبة تمشي على قدمين.

وعندما التقاه العلامة محمد كرد علي، مؤسس المجمع العلمي العربي بدمشق، ورئيسه، وجلس إليه، واستمع كل منهما للآخر، أعجب به كرد علي، ودعاه لإلقاء محاضرات في المجمع، واستجاب الشيخ عبد الغني لطلبه، كما كلفه بتحقيق كتاب (تاريخ دمشق) لابن عساكر، فحقق منه الجزء السابع، وفهرس كثيراً من المخطوطات في المجمع، وفي المكتبة الظاهرية في الفقه الحديث.

وكانت له مجالس علم وأدب من العالم الرباني الشيخ عبد الكريم الرفاعي، قرأ معه كتابي: المحلى، والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم، ومع الشيخ المؤرخ العلامة نايف عباس الذي تدارس معه (علم البيان) تلبيه لرغبة الشيخ بهجت البيطار، ومع أخيه وأستاذه الشيخ أحمد الدقر، وسواهم من العلماء والأدباء والشعراء كالأستاذ النحوي العلامة سعيد الأفغاني، والشيخ علي الطنطاوي فقد تدارسوا معاً كتاب (الرسالة) للإمام الشافعي وسواه.

وقد تسألون وتقولون: لم تحدثنا عن الشهادات العلمية والأجنبية، فما هي تلك الشهادات؟ وأجيب: كان الشيخ فوق كل تلك الشهادات .. لم ينل شهادة قط منها، ولم يدرس في جامعة قط، وكان أساتذة الجامعات وحملة الشهادات تلاميذ عنده، واسمعوا ما قاله أديب العربية الشيخ علي الطنطاوي فيه، وكانت له صلة وثيقة به، ومعرفة عميقة بعلمه وأدبه وأخلاقه، وكانت لهما مجالس علم وأدب وسمر قال: (فعليكم بالبقية الباقية من أقطاب الأدب، أطلقوا أيديهم في مناهج العربية وكتبها، لا تجعلوا الشهادات وحدها هي الميزان: فإن كثيراً ممن أعرف اليوم ذوي معرفة الأدب العربي الحق ممن درس كتبه الكبرى، كالكامل للمبرد، والأمالي للقالي، لم يكونوا يحملون شهادة، وإن كان يقعد بين أيديهم ويتلقى عنهم حملة الشهادات من أساتذة الجامعات من هؤلاء الذين أعرفهم محمود محمد شاكر في مصر، وعبد الغني الدقر في الشام) ذكريات

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير