تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نشأ الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور في بيئة علمية لجده للأب قاضي قضاة الحاضرة التونسية وجده للأم الشيخ محمد العزيز بوعتور. ففي مثل هذا الوسط العلمي والسياسي والإصلاحي شب مترجمنا فحفظ القرآن الكريم حفظا متقنا منذ صغر سنه وحفظ المتون العلمية كسائر أبناء عصره من التلاميذ ثم تعلم ما تيسر له من اللغة الفرنسية [3">.

ارتحل إلى المشرق العربي وأوروبا وشارك في عدة ملتقيات إسلامية. كان عضوا مراسلا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1956م، وبالمجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1955م. اشتهر بالصبر والاعتزاز بالنفس والصمود أمام الكوارث، والترفع عن الدنيا، حاول أقصى جهده إنقاذ التعليم الزيتوني وتصدى له بمعارفه ويقينه ولكن أيدي الأعادي تسلطت على هذه المنارة العلمية فألغتها سنة 1961م فتولى العلم بتونس وانزوى حتى توفي الإمام الشيخ رحمه الله يوم الأحد 12 أوت 1973م ودفن بمقبرة الزلاج بمدينة تونس رحمه الله تعالى وجعلنا خير خلف لخير سلف [4">.

3 - مسيرته الدراسية والعلمية

التحق الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور بجامع الزيتونة في سنة 1303هـ/ 1886 م وثابر على تعليمه به حتى أحرز على شهادة التطويع سنة 1317هـ/1899م وسمي عدلا مبرزا. ابتداء من سنة 1900 م إلى سنة 1932 أقبل على التدريس بجامع الزيتونة والمدرسة الصادقية مدرسا من الدرجة الثانية فمدرسا من الدرجة الأولى سنة 1905م، ثم عضوا مؤسسا للجنة إصلاح التعليم بجامع الزيتونة سنة 1910م. التحق الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور بالقضاء سنة 1911م فكان عضوا بالمحكمة العقارية وقاضيا مالكيا ثم مفتيا مالكيا سنة 1923م فكبير المفتين سنة 1924م فشيخ الإسلام للمذهب المالكي سنة 1932م، وقد باشر رحمه الله كل هذه المهام بمهارة ودقة علمية نادرة وبنزاهة وحسن نظر فكان حجة ومرجعا في ما يقضي به. سمي شيخ جامع الزيتونة وفروعه لأول مرة في سبتمبر سنة 1932م بعد أن اشترك في إدارة الكلية الزيتونية، ولكنه استقال من مشيخة جامع الزيتونة بعد سنة (سبتمبر سنة 1933م) ثم سمي من جديد شيخا لجامع الزيتونة في سنة 1945م. وفي سنة 1956م شيخا عميدا للكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين حتى سنة 1960م حيث أحيل إلى الراحة بسبب موقفه تجاه الحملة التي شنها بورقيبة يومئذ ضد فريضة الصيام في رمضان [5">. كان مقبلا على الكتابة والتحقيق والتأليف، فقد شارك في إنشاء مجلة السعادة العظمى سنة 1952م وهي أول مجلة تونسية مع صديقه العلامة الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله. ونشر بحوثا عديدة خصوصا في المجلة الزيتونية ومجلات مشرقية مثل هدى الإسلام والمنار والهداية الإسلامية ونور الإسلام ومجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة. كما نشرت له مجلة المجمع العلمي بدمشق. شارك في الموسوعة الفقهية التي تشرف عليها وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت بمبحث قيم [6">.

4 - شيوخه

اكتسب الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ثقافة واسعة شملت التفسير والحديث والقراءات ومصطلح الحديث والبيان واللغة والتاريخ والمنطق وعلم العروض وأعمل فكره فيما حصله وتوسع في ذلك وحلله. فقد تخرج على أيدي ثلة من علماء عصره امتازوا بثقافة موسوعية في علوم الدين وقواعد اللغة العربية وبلاغتها وبيانها وبديعها إلى جانب قدرة على التبليغ ومعرفة بطرق التدريس والتركيز على تربية الملكات في العلوم ومن أشهرهم الشيخ محمد النجار والشيخ سالم بوحاجب والشيخ محمد النخلي والشيخ محمد بن يوسف والشيخ عمر بن عاشور والشيخ صالح الشريف رحمهم الله تعالى جميعا.

وإذا تصفحنا حياة هؤلاء الأعلام وجدناها حياة علمية زاخرة حافلة بجلائل الأعمال قد أعطوا الحياة التونسية عطاء جزيلا في الدين والاجتماع والأدب والسياسة وهؤلاء النبغاء وإن لم يتركوا مؤلفات ضخمة إلا أنهم تركوا تلاميذ شهدوا لهم بطول الباع في نقد الآثار والمناهج وتتبع الهنات اللغوية، وقد كان الشيخ بوحاجب أخصائيا في علوم اللغة والنحو والبلاغة والأدب.

والأستاذ عمر بن الشيخ ماهرا في الفقه والمنطق والكلام والفلسفة. والشيخ محمد النجار كان جامعا لشتى العلوم التي تدرس بجامع الزتونة. [7">

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير