التاريخ ربما يعيد نفسه في باكستان، ولكن بصورة مختلفة بعض الشيء, محمد بشير السيالكوتي - أو كما يلقب هنابجندي العربية المجهول - أخذ على عاتقه ومنذ أكثر من 40 عاماً مسؤولية السعي لنشر اللغة العربية بين أفراد شعبه, المسؤولية كانت ولا تزال كبيرة كما قال لنا الأستاذ السيالكوتي, مضيفاً أن تعلم العربية يُعتبر واجباً على كل مسلم يريد بالفعل أن يفهم عقيدته الإسلامية وأحكامها, كما أن تعلّم العربية مسؤولية المجتمع المسلم, الأستاذ السيالكوتي ولإيمانه العميق بأهمية اللغة العربية وآدابها وقواعدها أقدم على اتخاذ العديد من الخطوات العملية أهمّها إنشاؤه وبجهد فردي معهد اللغة العربية في العاصمة إسلام أباد. محمد بشير سيالكوتي (أستاذ اللغة العربية): صلتي باللغة العربية بدأت قبل أكثر من 40 أو 45 سنة, عندما كنت في السنة الأولى والثانية في الابتدائية جاء شيخٌ من شيوخ العلم قريتَنا فبدأ يعلمنا اللغة الفارسية بعد صلاة الفجر, من هنا عرفت اللغة العربية ثمّ دخلت مدرسة دينية إسلامية لدراسة اللغة العربية, وشاء الله - سبحانه وتعالى - أنني اشتقت أيضاً إلى اللغة الإنجليزية فدرست الأدب الإنجليزي واللغة العربية في المدارس الإسلامية, والأدب الإنجليزي في الكلية الحكومية، وهناك وجدت المقارنة بين الأمرين: اللغة العربية مهملة ومؤقتة ليس فيها إلا التصاريف والقواعد الصعبة الجافة .. مملة، أما الإنجليزية فسهّلوها وجمّلوها وسلّطوا علينا.
عبد الرحمن مطر: معهد اللغة العربية بدا لنا خلال جولة كاميرا برنامج محطات متواضعاً للغاية ولا سيما فيما يتعلق بمستلزمات التعليم الأساسية, لكن ذلك الافتقار للضروريات لم يخفِ توقّد الرغبة في تعلم العربية عند الطلاب والحرص الشديد عند مدرسيهم على بذل كل ما يمكن من جهد لإيصال المعلومة, والعجيب أن أسلوب التعليم هنا يعتمد على أحدث طرق التدريس المعروفة. محمد نور جمعة (مدرس لغة عربية): نعتمد على تسهيل اللغة .. والعملية التعليمية نعتبرها فنّ أكثر من علم، يعني أنا مثلاً أريد أوصّل مفهوماً إلى الطالب أريد أعرف اسم الطالب وما أعرف كيف أسأله؟ فأستغل يعني الفنّ مثلاً أقول: أنا أحمد، هذا محمود، هذا حسن، هذا علي، أنت من؟
عبد الرحمن مطر: طالبات معهد اللغة العربية عددهن يزيد بثلاثة أضعاف عن عدد الطلاب الذكور, وهو ما يعكس على ما يبدو رغبة صادقة لدى إدارة المعهد على تهيئة لبنات المجتمع الباكستاني من خلال حث البنات على النهل من علوم العربية المختلفة, تجاوب الطالبات مع ما يتلقينه من علوم اللغة العربية وما يُدرَّسنَه من قواعدها مبهر, والدليل لا يتمثل فقط في القدرة على التحدث بالعربية بشكل جيد وواضح، بل في معرفة قواعد اللغة وربما بدرجة موازية للطالبات عربيات الأصل واللسان.
طالبة: درست علامة الفعل هي قد وسين وسوف وتاء التأنيث الساكنة، والدلالة على الطلب مع قبول ياء المخاطبة ونون التوكيد، وعلامة الاسم يعني قد درست بالأمس .. عبد الرحمن مطر: جهود الأستاذ السيالكوتي لتعليم اللغة العربية في باكستان لم تتوقف عند حدود إنشاء معهد, بل تجاوزت ذلك لوضع مناهج تعليم ميسرة لطلاب المدارس الحكومية والجامعات, إضافةً لتنظيم دورات تعليمية لموظفي الدولة والعمل ضمن مجموعة مختارة لوضع أسس قاموس عربي أوردي مفصّل, والأهم غرس حب اللغة العربية في الأبناء وتهيئتهم لمواصلة مشوار النجاح المليء بالمصاعب. عبيد الرحمن بن محمد بشير سيالكوتي (مدرس لغة عربية): حسب تجربتنا في السنة السابقة وضعنا الهدف في السنة القادمة أننا نعلّم أكثر من 5000 مواطناً وندرّب تقريباً 500 معلم ومعلمة من المدارس الدينية.
عبد الرحمن مطر: محبو اللغة العربية في باكستان يتحدثون دائماً عن ضرورة نشر اللغة العربية بشكل أوسع في كافة أرجاء باكستان، حدود عملية نشر اللغة لم تتوقف عند تعليم الطلاب في المعهد أو وضع مناهج تعليمية حديثة ومتطورة، بل تجاوزت كل ذلك لمشاريع ترجمة وطباعة وبيع الكتب العربية والمترجمة. مكتبة دار العلم مشروعٌ صغير في حجمه كبيرٌ في طموحه وآمال القائمين عليه وهم أبناء الأستاذ السيالكوتي، المكتبة تقع في زقاق ضيق في واحد من أقدم أسواق إسلام أباد, ومع أن الوصول إليها لم يكن بالأمر الهيّن إلا أنك حين تدخل المكتبة تدرك على الفور كيف أن الإخلاص في العمل يولد الإبداع, غرفة المكتبة مستغلة بالكامل, والكتب تتزاحم فوق الرفوف والعمل هنا لا يقتصر على البيع فقط, بل إن المكتبة معنية بترجمة الكتب من وإلى اللغة العربية وطباعتها ونشرها وتوزيعها.
عبد الرحمن بن محمد بشير السيالكوتي (مدرس اللغة العربية): أقسامنا كثيرة مثلاً بعضهم يأتون فقط للعربية، هم يريدون أن يشتروا هذه الأشياء الذي يعني اللغة العربية ويدرسون ولتعليم اللغة العربية فقط, وثانياً: لما لا يجدون فيه شيء فيطلبون منا من كتب عربية حتى نتعلم منهم, وإذا يجب هناك ترجمة لهذه الكتب لتعليم اللغة العربية فهم أيضاً يطلبون هذا كما يعني حسب الضرورة.
عبد الرحمن مطر: جهود الأستاذ السيالكوتي لخدمة اللغة العربية في باكستان نادرة للغاية وقلما تعادلها جهود مماثلة في الزمن الحاضر، القصة برمّتها تؤكد أن الإيمان بفكرة ما والتصميم على إحداث تغيير لا بدّ وأن ينجح. عبد الرحمن مطر، إسلام أباد.
العربية ( http://209.85.129.132/search?q=cache:hs04buPJp9UJ:www.alarabiya.net/Articles/2004/12/04/8450.html+%D9%85%D8%B9%D9%87%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9% 8A%D8%A9+%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D8%A8%D8%B4%D9%8A%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D9%84%D9%8 3%D9%88%D8%AA%D9%8A&cd=2&hl=en&ct=clnk&gl=pk)
¥