أغنى شوقي ضيف المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات تجاوزت الـ50 في مجال الدراسات العربية والإسلامية وتاريخ الأدب العربي، استحق عليها جائزة "مبارك" في الآداب منذ عامين.
رحل شيخ المجمعيين بعد أن أثرى المكتبة العربية بعشرات الكتب الهامة ما بين فكر ديني وفلسفة وأدب ونقد ومن بينها: الفن ومذاهبه في الشعر العربي، التطور والتجديد في الشعر الأموي الحديث، الأدب العربي المعاصر في مصر، محمد خاتم المرسلين، المدارس النحوية، الرحلات، الفكاهة في مصر، الحضارة الإسلامية من القرآن والسنة، تاريخ الأدب العربي "7 أجزاء".
وربما كان أهم إنجاز تركه شوقي ضيف، في المجالات المختلفة التي لم يتوقف عن العطاء والتأليف فيها، إنجازه العظيم في تاريخ الأدب العربي، وقد بدأ هذا الإنجاز بما كتبه عن (الفن ومذاهبه في الشعر العربي) وكان هذا الكتاب في الأصل رسالة دكتوراه تحت إشراف أستاذه طه حسين وهي رسالة مبنية على فرضية مؤداها أن الشعر العربي بدأ بمرحلة "الطبع" التي استوعبت بداياته، وانتقل منها إلى مرحلة "الصنعة" التي انتقل منها بدورها، إلى مرحلة "التصنيع" ثم مرحلة "التصنع" التي أدت إلى العقم والانحدار، وكانت بذرة صيغة التطور عبر مراحل أربعة (طبع، صنعة، تصنيع، تصنع) مأخوذة عن أفكار طه حسين عن تاريخ الشعر العربي، ولكن شوقي ضيف رعى البذرة التي نقلها عن أستاذه،
وجاوز ثنائية الطبع والصنعة إلى غيرها من المراحل التي تولدت عن الصنعة، وظلت تضيف إليها ما انتهى بها في النهاية إلى العقم، ولم يكتف شوقي ضيف بذلك، وإنما حاول في كتاب لاحق تطبيق صيغته الرباعية على تاريخ النثر الأدبي في التراث العربي، ذلك التراث الذي رآه شوقي ضيف يتطور في صعود ينتهي إلى هبوط مابين مراحل الطبع ثم الصنعة ثم التصنيع ثم التصنع. وظهر ذلك كله في كتابه (الفن ومذاهبه في النثر العربي) الذي أكمل به مع الكتاب السابق عليه تأريخه الفني الخاص للأدب العربي، أقصد إلى ذلك التأريخ الذي اعتمد على متغيرات الفن الأدبي وتحولات التقنية.
ويبدو أن إحساس شوقي ضيف بأن هذه المتغيرات والتحولات الفنية غير منفصلة عن المؤثرات التاريخية المختلفة الذي دفعه إلى صياغة أكمل تاريخ نعرفه عن الأدب العربي إلى اليوم، مركزاً كل التركيز على الجوانب التاريخية التي أدت إلى تطور الأدب العربي وتحولاته من عصر إلى عصر. وظل هذا العالم الجليل يعمل في دأب وإصرار تكلله همة علمية عالية، ما يقرب من ثلاثين عاماً لكي ينجز موسوعته عن الأدب العربي في عشرة أجزاء. وكان الجزء الأول عن العصر الجاهلي الذي أصدرت منه دار المعارف بالقاهرة أكثر من اثنتين وعشرين طبعة إلى اليوم، وبعده كتاب (العصر الإسلامي) الذي صدرت له تسع عشرة طبعة،
ثم (العصر العباسي الأول) و (العصر العباسي الثاني) وجاء الجزء الخامس من عصر الدول والإمارات الممتد من سنة 334 للهجرة إلى مشارف العصر الحديث، والذي يتعرض لتاريخ الشعر في الجزيرة العربية والعراق وإيران، وهو الجزء الذي يكتمل بالجزء السادس عن الشام، في عصر الدول والإمارات، وبعده الجزء السابع من العصر نفسه عن مصر، ثم الجزء الثامن عن الأندلس، أما الجزء التاسع فكان عن ليبيا وتونس وصقلية، بينما انفرد الجزء العاشر والأخير بالأدب في الجزائر والمغرب الأقصى وموريتانيا والسودان.
هذا على المستوى الفكري، أما على المستوي الأكاديمي فقد سافر د. شوقي إلى الكويت في صيف 1970 ليسهم في تأسيس النظام الجامعي هناك؛ فكانت هذه السفرة إثراء كبيراً للحركة الأدبية والنقدية في الكويت.
تلاميذه يكرمونه حيا
إذا كانت الدول والحكومات اعتادت أن تكرم أعلامها بعد وفاتهم، فإن الدكتور شوقي ضيف كان استثناء بين هؤلاء حيث كرمه تلامذته ومريديه ليس في مصر فحسب بل وفي سائر الأقطار العربية.
ومن هذه الكتب كتاب "شوقي ضيف رائد الدراسة الأدبية " الذي كتبه الدكتور عبد العزيز الدسوقي، وكتاب "شوقي ضيف: سيرة وتحية"وهو مجموعة من الدراسات التي كتبها تلامذته على امتداد الوطن العربي، كشفا عن الجوانب المتميزة من إنجازه المتجدد، وأضيف إلى هذا الكتاب ما كتبه الدكتور أحمد يوسف علي بعنوان (قراءة أولية في كتابات شوقي ضيف) والرسالة العلمية المنشورة التي أعدتها الباحثة الإيرانية شكوه السادات حسيني إلى كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة الحرة الإسلامية في طهران والرسالة الأخيرة دليل على الشأن الرفيع الذي وصلت إليه إنجازات شوقي ضيف العلمية في الأوساط العلمية العالمية،
ولولا ذلك ما خصص المجلد الأول من دائرة معارف الأدب العربي التي تصدر في لندن ونيويورك ترجمة له، مؤكدة أنه واحد من الأساتذة المرموقين والمتميزين عالمياً بكتبه الجامعية الكثيرة وإشرافه على رسائل الكثير من الباحثين العرب، الأمر الذي جعله أستاذاً للعديد من الشخصيات الجامعية البارزة على امتداد العالم العربي.
وقد نال شوقي ضيف تكريم العديد من المؤسسات العلمية ودعته جامعات عربية عديدة ليكون أستاذاً زائراً يؤكد مكانته العلمية، فذهب إلى جامعة بيروت العربية سنة 1963، وجامعة بغداد سنة 1968، وجامعة الرياض سنة 1973 وشارك في تأسيس قسم الدراسات العربية بالجامعة الأردنية سنة 1966 وكذلك جامعة الكويت سنة 1970 وترك في كل مكان ذهب إليه بصماته المنهجية، وتلامذة يسيرون في الطريق الذي سار فيه، والذي نال من أجله جائزة الدولة التقديرية للآداب في مصر سنة 1979، وجائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي سنة 1983، وحصل على درع جامعة القاهرة، وجامعة الأردن، ودرع المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وأخيراً، درع فارس للثقافة الجماهيرية المصرية.
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=21&catid=35&artid=5288
¥